للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياءِ -صلوات الله عليهم- يبعثُهم اللهُ في أشرافِ قومِهم، ويحصلُ بذلكَ من تأييدِ الحقِّ وقمعِ الباطلِ، والتمكنِ من الدعوةِ؛ ما لا يحصلُ لوْ لم يكنْ كذلكَ.

واعتبِرْ هذا بحالِ شعيبٍ وقولِ قومهِ له: ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾ [هود: ٩١]، وكذلكَ نبيُّنا محمدٌ بُعِثَ في أشرفِ بيتٍ في قريشٍ وأعزِّهِ، وقدْ رماهُ قومهُ بالعداوةِ البليغةِ، وعقدوا المجالسَ المتعددةَ في إبطالِ قولهِ ودينهِ، بلْ وفي كيفيةِ الفتكِ بهِ، ومن الأسبابِ التي أوقفَتْهم عندَ حدِّهم خوفُهم من قبيلتهِ.

وانظرْ إلى حالتهِ في تضييقِهم عليهِ بالشِّعْبِ، وانحيازِ قبيلتهِ [معه] (١)، مسلمِهم وكافرِهم، ولم يخطُرْ ببالِهم أنهم يصلونَ إلى الفتكِ بشخصهِ الكريمِ حتى مكروا ذلكَ المكرَ العظيمَ؛ إذْ اتفَقَ رأيُهم على أنْ يُنتدَبَ لقتلهِ من كلِّ قبيلةٍ رجلٌ؛ ليتفرَّقَ دمهُ في القبائلِ، فيعجزُ قومهُ عن الأخذِ بثأرهِ، ولكنهم يمكرونَ ويمكرُ اللهُ، واللهُ خيرُ الماكرينَ (٢).


(١) في (خ) و (ط): معهم. ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) قال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>