للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيُّ آيةٍ أعظمُ من هذا التحدِّي لهؤلاءِ الأعداءِ الحريصينَ على إبطالِ دعوتهِ بكلِّ طريقٍ!

فلما انتهَى طغيانُهم تولَّى عنهم وحذَّرَهم نزولَ العذابِ، فجاءَهم العذابُ معترِضًا في الأفقِ، وكان الوقتُ وقتَ شدةٍ عظيمةٍ وحاجةٍ شديدةٍ إلى المطرِ، فلما استبشرُوا وقالوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤]، قالَ اللهُ: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ﴾، بقولِكم: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٢]، ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥] تمرُّ عليه: ف ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧]، ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٥]

فبعدَما كانتِ الدنيا لهم ضاحكةً، والعزُّ بليغٌ، ومطالبُ الحياةِ متوفرةٌ، وقدْ خضَعَ لهم مَنْ حولَهم مِنْ الأقطارِ والقبائلِ؛ إذْ أرسلَ اللهُ إليهم ﴿رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [فصلت: ١٦]، ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ [هود: ٦٠]، ونجَّى اللهُ هودًا ومَن معَهُ من المؤمنينَ.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ [الشعراء: ١٣٩] على كمالِ قدرةِ اللهِ، وإكرامهِ الرسلَ وأتباعَهم، ونصرِهم في الحياةِ الدنيا ويومَ يقومُ الأشهادُ، وآيةً على إبطالِ الشركِ، وأنَّ عواقبَهُ شرُّ العواقبِ وأشنعُها، وآيةً على البعثِ والنشورِ.

* فوائدُ من هذهِ القصةِ:

* فيها ما تقدَّمَ في قصةِ نوحٍ من الفوائدِ المشتركةِ بينَ الرسلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>