٢ - ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦].
* هذا سؤالٌ وجوابٌ، أي: إذا سألكَ العبادُ عن ربِّهم، وبأيِّ طريقٍ يدركونَ منهُ مطالبَهم؛ فأجِبْهم بهذا الجوابِ الذي يأخذُ بمجامعِ القلوبِ، ويُوجبُ أنْ يعلقَ العبدُ بربهِ [كلَّ] (١) مطلوبٍ دينيٍّ ودنيويٍّ، فأخبِرْهم أنَّ اللهَ قريبٌ من الداعينَ، ليسَ على بابهِ حجابٌ ولا بوابٌ، ولا دونَهُ مانعٌ في أيِّ وقتٍ وأيِّ حالٍ.
فإذا أتى العبدُ بالسببِ والوسيلةِ، وهوَ الدعاءُ للهِ المقرونُ بالاستجابةِ لهُ بالإيمانِ بهِ والانقيادِ لطاعتهِ؛ فليبشَرْ بالإجابةِ في دعاءِ الطلبِ والمسألةِ، وبالثوابِ والأجرِ والرشدِ إذا دعا دعاءَ العبادةِ.
وكلُّ القرباتِ الظاهرةِ والباطنةِ تدخلُ في دعاءِ العبادةِ؛ لأنَّ المتعبدَ للهِ طالبٌ بلسانِ مقالهِ ولسانِ حالهِ من ربهِ قبولَ تلكَ العبادةِ والإثابةَ عليها.
* وفي هذهِ الآيةِ: تنبيهٌ على الأسبابِ الموجبةِ لإجابةِ الدعاءِ التي مدارُها على الإيمانِ باللهِ، وتحقيقهِ بالانقيادِ للهِ؛ امتثالًا لأمرهِ، واجتنابًا لنهيهِ.
* وتنبيهٌ أيضًا على أنَّ موانعَ الإجابةِ تركُ تحقيقِ الإيمانِ، وتركُ الانقيادِ، فأكلُ الحرامِ وعملُ المعاصِي من موانعِ الإجابةِ، وهيَ تنافِي الاستجابةَ للهِ.
* وفيهِ: تنبيهٌ على أنَّ الإيمانَ باللهِ والاستجابةَ لهُ سببٌ إلى حصولِ العلمِ؛ لأنَّ الرشدَ هوَ الهدى التامُّ علمًا وعملًا. ونظيرُ هذا قولُهُ تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال: ٢٩] أي: علمًا تفرقونَ بهِ بينَ الحقِّ والباطلِ، وبينَ كلِّ ما يُحتاجُ إلى تفصيلهِ.
(١) كذا في (خ)، وبه يستقيم السياق. وفي (ط): بكل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute