للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنكارِ هودٍ عليهم، قالَ: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩)[الشعراء: ١٢٨ - ١٢٩].

وبالجملةِ: فالبناياتُ للقصورِ والحصونِ والدورِ وغيرها من الأبنيةِ:

• إما أنْ تُتخذَ مساكنَ للحاجةِ إليها، والحاجاتُ تتنوعُ وتختلفُ، فهذا النوعُ من الأمورِ المباحةِ، وقدْ يُتوسلُ بهِ بالنيةِ الصالحةِ إلى الخيرِ.

• وإما أنْ تكونَ البناياتُ حصونًا واقيةً لشرورِ الأعداءِ، وثغورًا تُحفظُ بها البلادُ ونحوُها مما ينفعُ المسلمينَ، ويقِيهم الشرَّ؛ فهذا النوعُ يدخلُ في الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وهوَ داخلٌ في الأمرِ باتخاذِ الحذرِ من الأعداءِ.

• وإما أنْ يكونَ للفخرِ والخيلاءِ، والبطشِ بعبادِ اللهِ، وتبذيرِ الأموالِ التي يتعينُ صرفُها في طرقٍ نافعةٍ؛ فهذا النوعُ هوَ المذمومُ الذي أنكرَهُ اللهُ على عادٍ وغيرِهم.

* ومنها: أنَّ العقولَ والأذهانَ والذكاءَ، وما يتبعُ ذلكَ من القوةِ الماديةِ، وما ترتبَ عليها من النتائجِ والآثارِ وإن عظمَتْ وبلغَتْ مبلغًا هائلًا؛ فإنها لا تنفعُ صاحبَها إلا إذا قارنَها الإيمانُ باللهِ ورسلهِ.

وأما الجاحدُ لآياتِ اللهِ المكذبُ لرسلِ اللهِ فإنهُ وإنْ استدرِجَ في الحياةِ وأُمهلَ فإن عاقبتَهُ وخيمةٌ، وسمعهُ وبصرهُ وعقلهُ لا يُغني عنهُ شيئًا إذا جاءَ أمرُ اللهِ، كما قالَ اللهُ عن عادٍ: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦)[الأحقاف: ٢٦]، وفي الآيةِ الأخرى: ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: ١٠١].

<<  <  ج: ص:  >  >>