للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثم أخبرَ عن عظمتهِ وجلالهِ، وأنَّ كرسيَّهُ وَسِعَ السمواتِ والأرضَ، وأنهُ قدْ حفظَهما بما فيهما من العوالمِ، بالأسبابِ والنظاماتِ التي جعلَها اللهُ في مخلوقاتهِ، ومعَ ذلكَ فلا يؤودُهُ أي: يثقلُهُ ﴿حِفْظُهُمَا﴾؛ لكمالِ عظمتهِ، وقوةِ اقتدارهِ، وسعةِ حكمتهِ في أحكامهِ.

* ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾: بذاتهِ على جميعِ مخلوقاتهِ، فهوَ الرفيعُ الذي باينَ جميعَ مخلوقاتهِ، وهوَ العليُّ بعظمةِ صفاتهِ، الذي لهُ كلُّ صفةِ كمالٍ، ومِن تلكَ الصفاتِ أكملُها ومنتهاها.

﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾: الذي قهرَ جميعَ المخلوقاتِ، ودانَتْ لهُ كلُّ الموجوداتِ، وخضعَتْ لهُ الصعابُ، وذلَّتْ لهُ الرقابُ.

* ﴿الْعَظِيمُ﴾: الجامعُ لجميعِ صفاتِ العظمةِ والكبرياءِ والمجدِ، الذي تحبهُ القلوبُ، وتعظِّمهُ الأرواحُ، ويعرفُ العارفونَ أنَّ عظمةَ كلِّ موجودٍ -وإنْ جلَّتْ عن الصفةِ- فإنها مضمحِلةٌ في جانبِ عظمةِ العليِّ العظيمِ، فتباركَ اللهُ ذو الجلالِ والإكرامِ.

* فآيةٌ احتوَتْ على هذهِ المعاني التي هيَ أجلُّ المعاني، وأفرضُها على العبادِ؛ يحقُّ أنْ تكونَ أعظمَ آياتِ القرآنِ، ويحقُّ لمن قرأَها متدبرًا متفهمًا أنْ يمتلئَ قلبهُ من اليقينِ والعرفانِ والإيمانِ، وأنْ يكونَ بذلكَ محفوظًا من شرورِ الشيطانِ.

وقدْ نَعَتَ البارِي نفسَهُ الكريمةَ بهذهِ الأوصافِ في عدةِ آياتٍ من كتابهِ (١).


(١) كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)﴾ [آل عمران: ٢]، ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (١١١)﴾ [طه: ١١١]، ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٥)﴾ [غافر: ٦٥]، ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٨٧)﴾ [مريم: ٨٧]، ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)﴾ [طه: ١٠٩]، ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)﴾ [الشورى: ٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>