للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما آثارهُ القلبيةُ: فسكونُ القلبِ وطمأنينتهُ، كما قالَ إبراهيمُ: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، وقالَ : «البرُّ ما اطمأنَّ إليهِ القلبُ» (١)، وفي لفظٍ: «الصدقُ ما اطمأنَّ إليهِ القلبُ» (٢)؛ فإنَّ العبدَ إذا وصلَ إلى درجةِ اليقينِ في علومهِ اطمأنَّ قلبهُ لعقائدِ الإيمانِ كلِّها، واطمأنَّ قلبهُ لحقائقِ الإيمانِ وأحوالهِ التي تدورُ على محبةِ اللهِ وذكرهِ، وهما متلازمانِ، قالَ تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨]، فتسكنُ القلوبُ عندَ الأخبارِ، فلا يبقى في القلبِ شكٌّ ولا ريبٌ في كلِّ خبرٍ أخبرَ اللهُ بهِ في كتابهِ وعلى لسانِ رسولهِ، بلْ يفرحُ بذلكَ مطمئنًا عالمًا أنَّ هذا أعظمُ فائدةٍ حصلَتْها القلوبُ.

ويطمئنُّ عندَ الأوامرِ والنواهي، مكملًا للمأموراتِ، تاركًا للمنهياتِ، راجيًا لثوابِ اللهِ، واثقًا بوعدهِ.

ويطمئنُّ أيضًا عندَ المصائبِ والمكارهِ؛ فيتلقَّاها بانشراحِ صدرٍ واحتسابٍ، ويعلمُ أنها من عندِ اللهِ، فيرضَى ويسلِّمُ، فيخفُّ عليهِ حملُها، ويهونُ عليهِ ثقلُها.

وقدْ عُلِمَ بذلكَ آثارُها البدنيةُ، فإن الأعمالَ البدنيةَ مبنيةٌ على أعمالِ القلوبِ، فأهلُ اليقينِ هم أكملُ الخلقُ في جميعِ صفاتِ الكمالِ، فإن اليقينَ روحُ الأعمالِ والأخلاقِ وحاملُها، واللهُ هوَ الموفقُ الواهبُ لهُ ولأسبابهِ.


(١) مسند أحمد (٢٩/ ٥٢٧ رقم ١٨٠٠١).
(٢) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>