للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى﴾ [الزمر: ٧١] قدْ جاءَتْنا الرسلُ، وبلغَتْنا النذرُ، فما كانَ منَّا إليهم إلا الاستهزاءُ بهم والتكذيبُ، فلو كانَ لنا أسماعٌ واعيةٌ، وعقولٌ نافعةٌ ما وصَلْنا إلى هذهِ الدارِ، بلْ خالَفْنا المنقولَ والمعقولَ.

• ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١)[الملك: ١١] ما أشدَّ شقاءَهم وعناءَهم! يُنَوَّعُ عليهم العذابُ أنواعًا: فتارةً يُعذَّبونَ بالسعيرِ المحرقِ لظواهرِهم وبواطنِهم، كلَّما نضجَتْ جلودُهم بُدِّلوا جلودًا غيرَها، وتارةً بالزمهريرِ الذي قدْ بلغَ بردُهُ أنْ يهريَ اللحومَ ويكسرَ العظامَ، وتارةً بالجوعِ المفرطِ والعطشِ المفظعِ.

• وإذا استغاثُوا لذلكَ أُغيثُوا بعذابٍ آخرَ، ولونٍ من الشقاءِ يُنسِي ما سبقَهُ، فيُغاثونَ بطعامٍ ذي غُصَّةٍ، بشجرةِ الزقومِ التي ﴿تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٦٤]، وثمرُها في غايةِ المرارةِ والنتنِ والحرارةِ، إذا وصلَتْ بطونَهم غلَتْ فيها ﴿كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)[الدخان: ٤٦] الذي يُوقدُ عليهِ في النارِ، ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا﴾ للشرابِ ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩] إذا قُرِّبَ إليها، فلا يدعُهم العطشُ معَ ذلكَ أنْ يتناولُوها، فإذا وصلَتْ إلى بطونِهم قطَّعتْ أمعاءَهم، ولا يزالونَ في عذابٍ متنوعٍ شديدٍ، لا يفترُ عنهم العذابُ ساعةً، ولا يرجونَ رحمةً ولا فرجًا، يتمنونَ المماتَ ليستريحُوا.

• فينادُونَ مالكًا -رئيس خزنة النار-: ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، فيقولُ لهم: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧]، فلا تلومُوا إلا أنفسَكم؛ لما أسلفتموهُ من الجرائمِ، ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ [الزخرف: ٧٨].

• وينادُونَ أهلَ الجنةِ مستغيثينَ بهم: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٥٠]، فيقولُ لهم أهلُ الجنةِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٥٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>