للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فليتعاهدْها] (١) العبدُ بحفظِها عن الأمورِ الضارةِ؛ ليعدَّ لهذا السؤالِ جوابًا، فمَن استعملَها بطاعةِ اللهِ فقدْ زكَّاها ونمَّاها، وأثمرَتْ لهُ النعيمَ المقيمَ، ومَن استعملَها في ضدِّ ذلكَ فقدْ دسَّاها وأسقطَها، وأوصلَتْهُ إلى العذابِ الأليمِ.

* وقولُهُ: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ [الإسراء: ٣٧] أي: لا تتكبَّرْ على الحقِّ، ولا على الخَلقِ؛ فإنَّ التكبرَ من أرذلِ الأخلاقِ، والمتكبرُ المُعجَبُ بنفسهِ لنْ يبلغَ ما يظنهُ وتطمحُ لهُ نفسهُ من الخيالاتِ الفاسدةِ، أنهُ في مقامٍ رفيعٍ على الخَلقِ، بلْ هوَ ممقوتٌ عندَ اللهِ وعندَ خلقهِ، مبغوضٌ محتقرٌ، قدْ نزلَ بخلُقهِ هذا إلى أسفلِ سافلينَ، ففاتهُ مطلوبُهُ؛ من كبرهِ وعُجْبهِ، وحصلَ على نقيضهِ.

ومن مضارِّ الكبرِ: أنهُ صحَّ الحديثُ عن النبيِّ أنهُ: «لا يدخلُ الجنةَ مَنْ كانَ في قلبهِ مثقالُ حبةِ خردلٍ من كبرٍ» (٢)، والنارُ مثوى المتكبرينَ.

والكبرُ هوَ: «بطرُ الحقِّ وغمطُ الناسِ» (٣)، أي: احتقارُهم وازدراؤُهم.

* وهذهِ الأوامرُ الحسنةُ والإرشاداتُ في هذهِ الآياتِ من الحكمةِ العاليةِ التي أوحاها اللهُ لرسولهِ ، وهيَ من أعظمِ محاسنِ الدينِ، فالدينُ هوَ دينُ الحكمةِ التي هيَ معرفةُ الصوابِ والعملُ بالصوابِ، ومعرفةُ الحقِّ والعملُ بالحقِّ في كلِّ شيءٍ.


(١) كذا في (خ). وفي (ط): فليتعاهد.
(٢) مسلم (٩١).
(٣) كما فسره النبي بذلك في الحديث السابق (مسلم: ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>