للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتْبَع، أم أمْرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: لقد صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (١).

وقد ذكر الإمام الشاطبي في "الاعتصام": (أن الزبير بن بكار قال: سمعت مالكًا بن أنس -وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة حيث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد. فقال: لا تَفْعَل. قال: فإني أريد أنْ أُحْرِمَ من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأيُّ فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال الإمام مالك: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إني سمعت الله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}).

وقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. بيان لكمال علمه تعالى وقدرته، وتأكيد لكمال سلطانه وملكوته وجبروته.

ففي التنزيل:

١ - قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: ٦١].

٢ - وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩].

٣ - وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩].

قال ابن زيد: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} صنيعكم هذا أيضًا {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} يقول: ويوم يَرْجِعُ إلى الله الذين يخالفون عن أمره {فَيُنَبِّئُهُمْ} يقول: فيخبرهم حينئذ {بِمَا عَمِلُوا} في الدنيا، ثم يجازيهم على ما أسلفوا فيها، من خلافهم على ربهم


(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٨٣٠). أبواب الحج. باب ما جاء في التمتع. وانظر صحيح سنن الترمذي (٦٥٨) وقال الألباني: صحيح الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>