في هذه الآيات: إخبارٌ من الله تعالى عن عتو فرعون وطغيانه، وعن تمرّده وجحوده وعناده، فهو يريد إثبات الربوبية لنفسه، وموسى عليه السلام يحاجّه بقوارع الوحي ولوازم الربوبية التي لا تكون إلا لله رب السماوات والأرض والمشرق والمغرب، ورب كل شيء ومليكه.
فقوله تعالى:{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}. فيه تطاول ومماداة من فرعون اللعين، لأنه صَدَّقَ كَذِبَه حين قال:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص: ٣٨]. ولأنه استجهل قومه واستصغر عقولهم كما قال تعالى:{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ}[الزخرف: ٥٤].
قال ابن جرير:({قَالَ} موسى هو {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ومالكهن {وَمَا بَيْنَهُمَا} يقول: ومالك ما بين السماوات والأرض من شيء {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} يقول: إن كنتم موقنين أن ما تعاينونه كما تعاينونه، فكذلك فأيقنوا أن ربنا هو رب السماوات والأرض وما بينهما).
محاولة من فرعون لكسب تأييد الجماهير له عن طريق الاستخفاف بقيل موسى له.
قال القرطبي:(فقال فرعون: {أَلَا تَسْتَمِعُونَ} على معنى الإغراء والتعجب من سفه المقالة إذ كانت عقيدة القوم أن فرعون ربهم ومعبودهم والفراعنة قبله كذلك).