للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في المطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته] (١).

الحديث السادس: أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنّ الرزق ليطلبُ العبدَ أكثرَ مما يطلبه أجله] (٢).

وله شاهد عند أبي نعيم في "الحلية" بسند حسن لغيره عن جابر مرفوعًا: [لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت] (٣).

وقد فصلت بحث مفهوم الرزق وعلاقته بالإيمان بالقدر تفصيلًا موسعًا في كتابي: "أصل الدين والإيمان، عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان" (٢/ ٨٣١ - ٨٣٩) فلله الحمد والمنة.

٦١ - ٦٣. قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٦٣)}.

في هذه الآيات: إقرارُ المشركين أن الله تعالى خالقُ السماوات والأرض ومسخِّر الشمس والقمر ثم هم يشركون. إنه تعالى يبسط الرزق ويقدر بحكمته، وهم مقرون أنه المنزل للماء من السماء ليحيى به الأرض الميتة ثم هم به يعدلون، بل أكثرهم لا يعقلون.

فقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.

تقرير لمقام الألوهية عن طريق الاعتراف بمقام الربوبية. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من خلق السماوات والأرض


(١) حديث حسن. انظر تخريج المشكاة (١٥)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٨٣٤).
(٢) حديث صحيح. انظر "المشكاة" (٥٣١٢)، وصحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (١٦٢٦).
(٣) حديث حسن. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٩٠)، (٧/ ٢٤٦)، وابن عساكر (٢/ ١١/ ١)، وانظر معجم الطبراني "الأوسط" (١/ ١٣٥/ ٢)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>