{مِنْ فِرْعَوْنَ} بدل من العذاب، إنه كان جبارًا من المشركين. قال القرطبي:(وليس هذا عُلُوّ مَدْح بل هو عُلُوٌّ في الإسراف، كقوله:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ}[القصص: ٤]. وقيل: هذا العلو هو الترفع عن عبادة اللَّه).
وقوله تعالى:{وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}. قال قتادة:(أي اختيروا على أهل زمانهم ذلك، ولكل زمان عالم). أي: اختار اللَّه بني إسرائيل على عالم ذلك الزمان، فخلّصهم من الغرق وأورثهم الأرض بعد فرعون.
وقوله تعالى:{وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ}. قال قتادة:(أنجاهم اللَّه من عدوهم، ثم أقطعهم البحر، وظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسلوى). وقال ابن زيد:({مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ} قال: اختبار يتميز به المؤمن من الكافر). وقال:(ابتلاؤهم بالرخاء والشدة، ثم قرأ:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]).
والمقصود: اختبرهم اللَّه تعالى بالآيات المعجزات، والخوارق البينات، والحسنات والسيئات، ليميز الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق.
في هذه الآيات: إنكارُ مشركي العرب البعث بعد الموت والحساب، وتحديهم بإحضار الآباء وتعجيل ذلك الثواب أو العقاب، فهل هم أقوى من قوم تُبَّعٍ والأمم السالفة المتجبرة التي دكّها العذاب؟ !