للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الرابعة]

اتهام السنة بمخالفة القرآن

في وقت الفطر

يقول المشكك:

«وحين يقول تعالى: "وأتموا الصيام إلى الليل".

فيقولوا (١): بكروا بالفطور (٢)».

والجواب:

أولًا: لست أشك بعد تكرار أخطاء هذا المشكك في آيات القرآن أنه جاهل بالقرآن الكريم، مع أنه ممن يدعي الاكتفاء به دون السنة! وهذا الادعاء يحتم عليه الاعتناء به حفظًا وفهمًا وتلاوة، فإنه قل ما يورد الآية صحيحةً في منشوره، ولا أظن أن ذلك خطأٌ مطبعي؛ لكونها تكررت أكثر من مرة، ولا زلنا في بداية المنشور. وهنا يقول: "وأتموا الصيام إلى الليل"، وصحة الآية كما في سورة البقرة: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:١٨٧].

ثانيًا: أن دخول الليل في الشرع واللغة يكون بغروب الشمس، وليس بالظلمة وظهور النجوم كما يقول الإمامية؛ بدليل صلاة المغرب التي يدخل وقتها من حين غروب الشمس.

وعلى هذا فيقال لهذا المشكك: هل وقت صلاة المغرب هو جزء من النهار أو جزء من الليل؟

فإن قال: إنه جزء من النهار فقد كذب واقعًا ولغة وشرعًا، ولو صلى المغرب بهذا الاعتقاد -أنها جزء من النهار- لم تصح منه؛ لإجماع المسلمين أنها من صلوات الليل، بل كانوا يسمونها: "صلاة العشاء"، وبعضهم يقيدها فيقول: "صلاة العشاء الأولى"؛ تمييزًا لها عن الصلاة التي بعدها، والتي جاء تسميتها على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ولسان بعض أصحابه - رضي الله عنهم -: "صلاة العشاء الآخرة" (٣).


(١) كذا في المنشور.
(٢) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ). صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار (٣/ ٣٦)، رقم (١٩٥٧)، وصحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر (٢/ ٧٧١)، رقم (١٠٩٨).
وقال ابن عبد البر عن الأحاديث الواردة في تعجيل الفطر وتأخير السحور: «وهي متواترة صحاح». الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ٣٤٥).
(٣) مما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ). صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج مطيبة (١/ ٣٢٨)، رقم (٤٤٤).
وأما ما جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك فهو كثير، ويكفي حديث عائشة - رضي الله عنها - المتفق عليه في مرض موت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه لما ثقل سأل: (أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ. قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ. قَالَتْ: فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ. فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي المَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ النَّبِيَّ - عليه السلام - لِصَلَاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ). صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (١/ ١٣٩)، رقم (٦٨٧)، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما من يصلي بالناس ... (١/ ٣١١)، رقم (٤١٨).

<<  <   >  >>