للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ولأن رواية عائشة لم تُسند إليها، بينما القول بوفاته - صلى الله عليه وسلم - وهو في حجر سيدنا علي - عليه السلام - مسند إلى كلٍّ من علي وابن عباس وأم سلمة والشعبي وعلي بن الحسين، وسائر أئمة أهل البيت. فهو أرجح سندًا.

لكن النواصب قاتلهم الله حاولوا إلصاق هذه الأحاديث إلى السيدة عائشة؛ ليحطوا من علي - عليه السلام - بطمس فضائله».

تلك أهم المطاعن التي وجهها صاحب الرسالة إلى حديث عائشة - رضي الله عنها -.

والجواب:

[الرد على مطاعن صاحب الرسالة في الحديث وإنكاره]

إن المطاعن التي وجهها صاحب الرسالة إلى حديث عائشة - رضي الله عنه - هي دلائل واضحة على قميص الرفض الذي يلبسه، ورداء الجهل الذي يتزيّا به، ولو كان عنده أثارة من علم أو حظ من إنصاف لم يقدِّم على حديث عائشة - رضي الله عنها - الأحاديث الواهية وغير الصحيحة، فإن من منهج المحدثين العلمي: إذا تعارض حديثان يُنظَر أولًا في سندهما، فإن كان أحدهما صحيحًا والآخر ضعيفًا قُدِّم الصحيح على الضعيف بالإجماع، وإن كان أحدهما صحيحًا والآخر أصح منه قُدِّم الأصح كذلك إن لم يمكن الجمع بينهما، ولا يُرجع إلى الترجيح بينهما إلا إذا كانا في مرتبة واحدة من القوة وتعذر الجمع بينهما.

فهل الأحاديث التي زعم أنها صحيحة ومتواترة عن آل البيت وغيرهم وجاءت مخالفة لحديث عائشة - رضي الله عنها - هي من هذا القبيل أو لا؟ سأفصل القول في هذه الأحاديث التي احتج بها فيما يأتي.

الرد على أحاديث صاحب الرسالة التي رد وأنكر بها الحديث:

ذكر صاحب الرسالة بعض الأحاديث والآثار مستدلًا بها على رد وأنكار حديث عائشة - رضي الله عنها - في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات بين سحرها ونحرها. وها أنا أذكرها هنا وأُبين ما فيها، مما يُبين شبهته ويُفندها:

أولًا: الحديث الأول: عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: (وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ إِنْ كَانَ عَلِيٌّ لَأَقْرَبَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، عُدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةً وَهُوَ يَقُولُ: جَاءَ عَلِيٌّ؟ جَاءَ عَلِيٌّ؟ مِرَارًا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - رضي الله عنها -: كَأَنَّكَ بَعَثْتَهُ فِي حَاجَةٍ؟ قَالَتْ: فَجَاءَ بَعْدُ. قَالَتْ أَبِي (١) سَلَمَةَ: فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ حَاجَةً، فَخَرَجْنَا مِنَ الْبَيْتِ فَقَعَدْنَا عِنْدَ الْبَابِ، وَكُنْتُ مِنْ أَدْنَاهُمْ إِلَى الْبَابِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعَلَ يُسَارُّهُ وَيُنَاجِيهِ، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَكَانَ عَلِيٌّ أَقْرَبَ النَّاسِ عَهْدًا) (٢).


(١) كذا في المستدرك للحاكم، والصواب: أم.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الفضائل، فضائل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (٦/ ٣٦٥)، رقم (٣٢٠٦٦)، ومسند أحمد (٤٤/ ١٩٠)، رقم (٢٦٥٦٥)، والسنن الكبرى للنسائي، كتاب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكر أحدث الناس عهدًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٦/ ٣٩٢)، رقم (٧٠٧١)، والمستدرك للحاكم، كتاب معرفة الصحابة - رضي الله عنهم - (٣/ ١٤٩)، رقم (٤٦٧١). وقال محققو مسند أحمد -شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون-: «إسناده ضعيف». مسند أحمد (٤٤/ ١٩٠)، حاشية رقم (٣). وضعفه الألباني. السلسلة الضعيفة للألباني (١٠/ ٦٤٩)، تحت رقم (٤٩٤٥). وقال أيضًا في موضع آخر: «منكر». السلسلة الضعيفة للألباني (١٣/ ٦٣٠)، رقم (٦٢٨٩).

<<  <   >  >>