للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس

كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشتغل بالسنة

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أفضل الأذكار وأحب الأعمال إلى الله تعالى، ويكفي في بيان فضل هذا الذكر: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا) (١).

وأهل الحديث كما قال السيد صديق حسن خان القنوجي: «لهم نسبة خاصة ومعرفة مخصوصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يشاركهم فيها أحد من العالمين فضلًا عن الناس أجمعين؛ لأنهم الذين لا تزال تجري ذكر صفاته العليا وأحواله الكريمة وشمائله الشريفة على لسانهم، ولم يبرح تمثال جماله الكريم وخيال وجهه الوسيم ونور حديثه المستبين يتردد في حلق وسط جنانهم. فعلاقة باطنهم بباطنه العلى متصلة، ونسبة ظاهرهم بظاهره النقي مسلسلة. فهم أهل المواليد حقًا عدلًا وصدقًا، فأكرم بهم من كرام، يشاهدون عظمة المسمى حين يذكر الاسم، ويصلون عليه كل لمحة ولحظة بأحسن الحد والرسم» (٢).

وقال قبل ذلك مباشرة: «ويروى عن بعض الصلحاء أنه قال: "أشد البواعث وأقوى الدواعي لي على تحصيل علم الحديث لفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "» (٣).

وأهل الحديث أكثر الناس صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك لكثرة قراءتهم لأحاديثه - عليه الصلاة والسلام -، فكلما ذكر اسمه في الحديث صلوا عليه، واستحقوا بذلك أن يصلي الله عليهم وأن يكونوا أولى الناس به - عليه الصلاة والسلام - يوم القيامة، كما جاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً) (٤).

وقال ابن حبان البستي عقب تخريجه هذا الحديث في صحيحه: «في هذا الخبر دليل على: أن أولى الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القيامة يكون أصحاب الحديث؛ إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - منهم» (٥).


(١) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد (١/ ٣٠٦)، رقم (٤٠٨).
(٢) الحطة في ذكر الصحاح الستة للسيد صديق حسن خان القنوجي (ص:٣٧).
(٣) نفس المصدر السابق.
(٤) سنن الترمذي، أبواب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢/ ٣٥٤)، رقم (٤٨٤)، وصحيح ابن حبان، كتاب الرقائق، باب الأدعية (٣/ ١٩٢)، رقم (٩١١). وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». وقال الألباني: «حسن لغيره». صحيح الترغيب والترهيب للألباني (٢/ ٢٩٤)، رقم (١٦٦٨). ولم أجد الحديث في صحيح ولا ضعيف سنن الترمذي في الطبعة التي عندي -طبعة: مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، (١٤٢٠ هـ-٢٠٠٠ م) -.
(٥) صحيح ابن حبان (٣/ ١٩٣).

<<  <   >  >>