للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرد على كلام صاحب الرسالة في الشعبي وعائشة - رضي الله عنها -]

أولًا: لم يكتفِ صاحب الرسالة بما نقله من "نهج البلاغة" من كذب بليغ، بل راح يضيف إليه كذبًا من عند نفسه، يرفضه الواقع وتأباه العقول وتمجه النفوس! فهو يزعم: "أن الإمام الشعبي من المنحرفين عن علي - رضي الله عنه - "، أي: أنه من النواصب. وأقول في الرد على فريته هذه:

١ - حاشا الإمام الشعبي أن يكون من المنحرفين عن علي - رضي الله عنه -، وهو الذي تتلمذ على علي - رضي الله عنه - وروى عنه! كما في "صحيح البخاري" و"المسند" والسنن.

٢ - ما هو دليله على انحرافه عنه؟ هل كان يشتمه وينال منه؟ فليأتِ بدليل واحد على ذلك إن كان صادقًا، ولكنها شنشنة معروفة من رافضي.

٣ - من يقرأ سيرة الشعبي يجد أنه من أئمة التابعين الذين شهدت لهم الأمة بالإمامة في الدين مع كثرة العلم والعمل وحسن المعتقد في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وآل بيته الكرام، وخاصة عليًا - رضي الله عنه -، ومما أثر عنه في ذلك:

أ- قال: «أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - رضي الله عنهم -» (١).

ب- عن أبي عمرو عن الشعبي قال: «أَصْبَحَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ: مُحِبٌّ لِعَلِيٍّ مُبْغِضٌ لِعُثْمَانَ، وَمُحِبٌّ لِعُثْمَانَ مُبْغِضٌ لِعَلِيٍّ، وَمُحِبٌّ لَهُمَا، وَمُبْغِضٌ لَهُمَا. قُلْتُ: مِنْ أَيِّهِمَا أَنْتَ؟ قَالَ: مُبْغِضٌ لِبَاغِضِهِمَا» (٢).

ثانيًا: أسوأ من تهجم صاحب الرسالة هذا على الشعبي محاولته المستميتة لإقصاء عائشة - رضي الله عنها - عن شهودها لموته - عليه الصلاة والسلام - مع أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتها - رضي الله عنها -! وقصده من ذلك: إبطال حديثها السابق - رضي الله عنها -، حيث ذكر من جملة ما ذكر من أدلة واهية:

١ - "أن حضورها مع قرابات النبي - صلى الله عليه وسلم - حرام". وهذا لا شك أنه على إطلاقه حكم غريب يفتقر إلى دليل، فإن الله تعالى إنما حرم الاجتماع بنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بغير حجاب، وأما مع وجوده ووجود المحرم كذلك -كما هو الحال هنا- فلا.

٢ - وأغرب من حكمه هذا في حضورها: استنكاره الشديد عليها - رضي الله عنها - أن تسند إلى صدرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في تلك الحالة الشديدة -حالة الاحتضار- مع صغر سنها وضعف بنيتها، كما يقول!


(١) المعجم لابن المقرئ (ص:١١٨)، رقم (٣٠٥)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢٥/ ٣٤٨)، ترجمة: عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمرو الشعبي الكوفي، رقم الترجمة (٣٠٤٧).
(٢) الضعفاء الكبير للعقيلي (٤/ ١٨٠)، ترجمة: المغيرة بن سعيد، رقم الترجمة (١٧٥٥)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢٥/ ٣٧١)، ترجمة: عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمرو الشعبي الكوفي، رقم الترجمة (٣٠٤٧). واللفظ المذكور ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٠٨)، ترجمة: الشعبي عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كِبَارٍ، رقم الترجمة (١١٣).

<<  <   >  >>