للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثالثة والثلاثون]

اتهام الفقهاء بمخالفة القرآن

في عدم التفريق بين الذين أوتوا الكتاب وبين أهل الكتاب

يقول المشكك:

«كما لم يعلم الفقهاء الفرق بين "الذين أوتوا الكتاب" و"أهل الكتاب" و"الذين آتيناهم الكتاب"، فقالوا بالجزية على أهل الكتاب.

وهو مما يخالف القرآن».

والجواب:

أولًا: قوله: "إن الجزية على أهل الكتاب مخالفة للقرآن الكريم؛ لأن أهل الكتاب هم غير الذين أوتوا الكتاب الذين فرض الله عليهم الجزية في قوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة:٢٩] " قوله هذا جهل كبير بالشرع واللغة.

ومن المضحكات المبكيات من هذا المتعالم الجاهل أن يتحدث فيما لا علم له به. ولا دافع له إلى ذلك سوى الحقد والكراهية للسنة ورواتها وعلمائها. والله المستعان.

ثانيًا: لا يوجد فرق في الشرع ولا في اللغة ولا عند العلماء والفقهاء والمفسرين بين "أهل الكتاب" و"الذين أوتوا الكتاب".

والمقصود بمن فرض عليه الجزية هم اليهود والنصارى الذين يطلق عليهم "أهل الكتاب" ويطلق عليهم "الذين أوتوا الكتاب"، بلا خلاف في ذلك بين العلماء. قال ابن حزم: «واتفقوا على وجوب أخذ الجزية من اليهود والنصارى ممن كان منهم من الأعاجم الذين دان أجدادهم بدين من الدينين قبل مبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (١)، الخ.

وقد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الجزية من يهود خيبر وهجر واليمن ونصارى نجران وغيرهم، وجميع هؤلاء هم أهل كتاب.

والله أعلم.


(١) مراتب الإجماع لابن حزم (ص:١١٤ - ١١٥).

<<  <   >  >>