للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة السادسة

حديث وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجر عائشة ينافي أحاديث موته في حجر علي

الحديث السادس الذي رده صاحب الرسالة: حديث عائشة - رضي الله عنها - في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات على صدرها.

يقول صاحب الرسالة:

«روى البخاري بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ (١) رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. ثَلَاثًا، ثُمَّ قَضَى. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي) (٢)». اهـ.

[أدلة صاحب الرسالة على رد وإنكار الحديث]

لقد ردَّ صاحب الرسالة هذا الحديث وحكم عليه بالبطلان؛ وذلك لأنه كما يقول: «١ - يخالف الأحاديث الصحيحة والمتواترة التي جاءت عن طريق آل البيت الأطهار وعلماء السُّنَّة الأخيار في "نهج البلاغة" وغيرها.

٢ - ولأن روايته تدور على ناصبي من أعداء علي ولاعنيه.

٣ - ولأن العقل والمنطق يرفضان هذه الرواية؛ لأن سيدنا عليًا وبعضًا من بني هاشم لم يفارقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حالته تلك، فقد كانوا يترددون إليه في كلِّ آونة.

وأنَّى للسيدة عائشة - رضي الله عنها - أن تسند إلى صدرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في تلك الحالة الشديدة حالة الاحتضار مع صغر سنها وضعف بنيتها، مع أن حضورها مع من ذكرنا من القرابات حرام.


(١) اللفظة في الرسالة: (فَأَمَدَّهُ). والمثبت من صحيح البخاري.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (٦/ ١٠ - ١١)، رقم (٤٤٣٨).
قال ابن حجر: «والمراد: أنه مات ورأسه بين حَنَكِهَا وصدرها - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنها». فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٣٩).
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِي وَفِي نَوْبَتِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي). صحيح البخاري، كتاب فرض الخُمُس، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وما نسب من البيوت إليهن (٤/ ٨١)، رقم (٣١٠٠)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها (٤/ ١٨٩٣)، رقم (٢٤٤٣).
ومعنى قولها - رضي الله عنها -: (تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي): «تريد أنه مات وهو مستند لصدرها ما بين جوفها وعنقها». فتح الباري لابن حجر (١/ ١٣٠).
وهذا لا ينافي حديثها السابق - رضي الله عنها -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي)؛ لأن «ما بين الْحَاقِنَةِ والذَّاقِنَةِ هو ما بين السَّحْرِ والنحر». فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٣٩).

<<  <   >  >>