للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثامنة عشرة]

اتهام المحدثين بمخالفة القرآن

في قولهم بتبيين الحديث القولي للقرآن وتفصيله له

يقول المشكك:

«يقول الله: إن آياته مبينة ومفصلة.

فيقولوا: بل الحديث القولي يبينها ويفصلها».

والجواب:

أولًا: نعم آيات القرآن الكريم آيات مفصلة ومبينة وواضحة، وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه الكريم، ومن ذلك:

١ - قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧)} [الأنعام:٩٧].

٢ - قال تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (٩٩)} [البقرة:٩٩].

٣ - قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)} [الحج:١٦].

ومعنى هذه الآيات: أن الله تعالى أنزل كتابه على عبده واضحًا في لفظه ومعناه، وفي أمره ونهيه، ويفهم المخاطب العربي الذي لم يتغير لسانه المرادَ من هذه الأوامر والنواهي والألفاظ، ولا لبس في هذا عند أحد.

ثانيًا: وجود المجمل في القرآن الكريم الذي يحتاج إلى بيان لا يعني عدم وضوحه في لفظه ومعناه، كما سبق؛ لأن المجمل أمر زائد على لفظ الآية الواضحة لم تتعرض لبيانه وتفصيله، والذي بين هذا الأمر الزائد هو النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله.

ومثال ذلك: قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٤٣]، و [البقرة:٨٣]، و [البقرة:١١٠]، و [النساء:٧٧]، و [النور:٥٦]، و [المزمل:٢٠].

فهذا اللفظ واضح الدلالة في وجوب الصلاة والزكاة، ولا يختلف في ذلك اثنان. ولم يتعرض هذا اللفظ المجمل القرآني لتفصيل الصلاة والزكاة، وإنما بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي هذا المعنى أنزل الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - قوله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} [النحل:٤٤]. وإن لم تكن هذه الآية أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ببيان القرآن بقوله وفعله فما معناها إذًا؟

<<  <   >  >>