للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كلام الجُنيد فيما يُنزَّه عنه الأنبياء - عليهم السلام -]

يقول في رسالته:

«ولا يسري إليهم الخطأ والسهو والنسيان».

وقال أيضًا: «يجب أن تعلم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم معصومٌ عن الخطأ والنسيان والسحر والهذيان ووسوسة الشيطان».

وقال أيضًا: «فهم - عليهم السلام - معصومون حتى من الغفلة».

واتهم أهل السنة أنهم ينسبون ذلك إلى الأنبياء - عليهم السلام -.

والجواب:

أولًا: أن هذا اتهام باطل لأهل السُّنَّة، فلم يقل أحد منهم إن الأنبياء - عليهم السلام - غير معصومين بإطلاق، بل قد أجمعوا جميعًا فيما يتعلق بهذا على عدة أمور، فقد أجمعوا على:

١ - عصمتهم - عليهم السلام - من الكبائر.

٢ - عصمتهم - عليهم السلام - من الصغائر التي تُزري بمناصبهم، كرذائل الأخلاق والدناءات وسائر ما يُنَفّر عنهم مما يقال لها: "صغائر الخسة"، كسرقة لقمة والتطفيف بحبَّة.

٣ - عصمتهم - عليهم السلام - من تعمُّد الكذب في الأحكام الشرعية؛ لدلالة المعجزة على صدقهم (١).

٤ - أنهم - عليهم السلام - معصومون فيما يبلِّغونه عن الله تعالى (٢).

وقال الإمام النووي: «اعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم من الكذب ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه، ومعصوم من ترك بيان ما أُمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه، وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام، ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته» (٣).


(١) المحصول للرازي (٣/ ٢٢٦ - ٢٢٨)، وإرشاد الفحول للشوكاني (١/ ٩٨ - ٩٩).
(٢) منهاج السنة النبوية لابن تيمية (١/ ٤٧٠ - ٤٧١). ونص كلام ابن تيمية في هذا: «فإنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى. وهذا هو مقصود الرسالة، فإن الرسول هو الذي يبلغ عن الله أمره ونهيه وخبره. وهم معصومون في تبليغ الرسالة باتفاق المسلمين، بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيء من الخطأ».
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١١/ ٩٠).

<<  <   >  >>