للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقدمة]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد:

فقد اطلعتُ على رسالة كتبها بعض أدعياء العلم (١) ينزِّه فيها -بزعمه- سيِّد الأنبياء - عليه الصلاة والسلام - عن أقوال الأغبياء (٢) -حسب قوله-، فتخرَّص فيها وخلَّط، وشرَّق وغرَّب، وما اهتدى إلى ضالته، ولا قدر أن يصل إلى غايته، وجلُّ ما عمله في رسالته هذه هو: التشكيك في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة. وهيهات أن يتشكك فيها الموقنون، أو يتردد فيها العالِمون! وأما مَن هم دون ذلك فلا يحتاجون إلى هذا الكمِّ الهائل من الأدلة والأقوال لزرع الشك في قلوبهم، وإنما يكفيهم من ذلك حديث ضعيف أو رأي شاذ أو قول مطّرح ليتشبثوا به أو يستندوا إليه.

ولم يكن للباحث أن يسلك هذا المسلك التشكيكي من غير أدلة قاطعة ولا حجة واضحة؛ إذ ليس هذا من المنهج العلمي الصحيح، وليس كذلك من الغيرة الدينية، وليس هذا سوى الهوى والتعصُّب الأعمى. وهذا في الواقع هو مسلك الرافضة قديمًا وحديثًا، فإن من المعروف عنهم أنهم لا يعتمدون في الشرعيات إلا على ما نُقل لهم عن بعض أهل البيت - عليهم السلام -، ولا يقبلون أيَّ طريق آخر للنقل، ومن ثمَّ فإن جميع كتب السُّنَّة بما فيها الصحيحان كذب عندهم، لا يجوز الاعتماد عليها ولا الرواية منها ولا الرجوع إليها.

[منهج النقد عند العلماء الذين نقدوا بعض أحاديث الصحيحين]

تكلَّم بعض الأئمة السابقين كالدارقطني وأبي مسعود الدمشقي على مجموعة من أحاديث الصحيحين، فلم يفحشا القول ولا أوغرا الصدور ولا هيَّجا النفوس ضدهما، كما فعله مؤلف هذه الرسالة، وإنما كان كلامهما موجهًا لنقد تلك المجموعة من الأحاديث فقط، مع اعترافهما أحيانًا أن الصواب في بعضها مع الشيخين.

هذا إلى أنّ نقدهما لم يكن موجهًا للطعن في أصل الكتابين.

وإضافة إلى ذلك فقد كان نقدهما مبنيًا على أسس علمية وقواعد حديثية يعرفها أهل هذا الشأن. ولذلك جاء كلامهما موضوعيًا بعيدًا عن الهوى والتعصُّب، فقبله من قبله وردَّه من ردَّه من العلماء.


(١) هو: عدنان الجُنيد. وهو يمني، من محافظة: تعز.
(٢) وهي بعنوان: "رسالة تنزيه سيد الأنبياء عن أقوال الأغبياء".

<<  <   >  >>