للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الحادية والثلاثون]

القول بمخالفة حديث: (مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)

لقوله تعالى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}

يقول المشكك:

«وبينما يقول الله بكتابه (١): إن النبي قال لصاحبه في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠] تجد الإمام البخاري يرويها في كتابه قائلًا: (مَا ظَنُّكَ (٢) بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)؟ وكأن القرآن لم يكن موجودًا مع ذلك الإمام حين قام بكتابة تلك السطور الآثمة».

والجواب:

أولًا: أنه لا يوجد تعارض بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه - الذي أخرجه عنه البخاري وغيره: (مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) (٣)؟ وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - له الذي حكاه عنه القرآن: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠]؛ لأن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) أي: الله معنا، وهي نفس معنى قوله: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.

وقد حكى الله تعالى أقوال الكفار وغيرهم ممن لا يتكلمون بالعربية بمعانيها، ولم يحكها عنهم بألفاظهم بل بلفظ القرآن المعجز البليغ؛ لأن ألفاظهم ليست بليغة ولا معجزة.

ثانيًا: يقال لهذا المشكك: إن القرآن الكريم كان حاضرًا وموجودًا مع الإمام البخاري حينما قام بكتابة تلك السطور المنيرة والمضيئة من السنة -وليست الآثمة كما تزعم-، فقد بوب في صحيحه في كتاب التفسير: «باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠]»، ثم ساق الحديث، وفيه: قال أبو بكر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) (٤)؟


(١) كذا في المنشور.
(٢) في المنشور: (ما بالك). وهو في الصحيحين والأربعين النووية: (ما ظنك).
(٣) صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب المهاجرين وفضلهم (٥/ ٤)، رقم (٣٦٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (٤/ ١٨٥٤)، رقم (٢٣٨١).
(٤) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠] (٦/ ٦٦)، رقم (٤٦٦٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (٤/ ١٨٥٤)، رقم (٢٣٨١).

<<  <   >  >>