للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة السابعة والثلاثون]

اتهام الفقهاء بمخالفة القرآن

في قولهم بوقوع طلاق الثلاث في مجلس واحد ثلاثًا

يقول المشكك:

«وبـ"صحيح مسلم" -حديث رقم (٢٦٨٩)، حسب ترقيم العالمية-: حدثنا ... عن ابن عباس قال: (كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ) (١).

فالأئمة الأربعة ذهبوا بما (٢) يناقض مضمون هذا الحديث، ولذلك فالذي يقول عندهم لامرأته: "أنت طالق ثلاثًا" تبين منه بينونة كبرى.

وقد خالفهم ابن حزم الظاهري وجعفر الصادق وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم.

إن مما يضع العقل في الكف: أن هذا الحديث الذي لم يأخذ بمضمونه الفقهاء هو حديث يوافق تمامًا حيثيات الصياغة القرآنية الخاصة بهذه المسألة.

وفي هذا دليل على: أن أحكام القرآن الكريم وأدلته لم تكن المعيار الأول في تحديد مصداقية الحديث ومرجعية الأحكام.

لماذا لم يتم الانتباه إلى قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:٢٢٩]، وبالتحديد إلى كلمة: {مَرَّتَانِ} التي لا يمكنها أن تعني تكرار عبارة الطلاق في مجلس واحد؟

فلو كان الأمر كما ذهب الأئمة إليه لكانت هذه العبارة القرآنية على الشكل: "الطلاق اثنتان". وقد بينت في كتاب ... الفارق الكبير بين الصياغتين، وذلك حين (٣) شرح قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر:١١]. وبينت الفارق بين هذه الصياغة القرآنية المطلقة وبين احتمال ورود هذه الصياغة على الشكل: "قالو ربنا أمتنا مرتين وأحييتنا مرتين".

فعلى أي أساس تم رد هذا الحديث والعمل بخلافه؟ وهل الذين ذهبوا إلى أن طلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلقة واحدة كجعفر الصادق وابن تيمية ليسوا من علماء الأمة»؟


(١) صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث (٢/ ١٠٩٩)، رقم (١٤٧٢).
(٢) كذا في المنشور.
(٣) كذا في المنشور.

<<  <   >  >>