للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثامنة والعشرون]

اتهام المحدثين بمخالفة القرآن

في قولهم بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي والتحريم بخمس رضعات قرآنًا يتلى

يقول المشكك:

«وبـ"صحيح مسلم" أيضًا -وهو كتابهم الصحيح المقدس المعجزة- بفنون (١) التصادم مع كتاب الله، حيث يطعن عليه بالنقص، حيث ورد بباب (٢) التحريم بخمس رضعات بالحديث (٣) رقم (١٤٥٢): حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أنها قالت: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ) (٤).

فأين ذهبت تلك الآية طالما أن الرسول توفي وهي مما يقرأ من القرآن، أم أن هناك نسخهم المزعوم الذي استمر بعد وفاة الرسول؟ أليس هذا تشكيكًا في صحة ما بأيدينا من كتاب الله»؟

والجواب:

أولًا: قوله: «كتابهم الصحيح المقدس المعجزة» هذا من كذبه وافترائه على أهل الحديث، فإنهم لم يقولوا قط عن "صحيح مسلم" ولا عن "صحيح البخاري": إنه الكتاب المقدس المعجزة.

وليعز هذا الافتراء إلى مصدر موثوق من كتبهم إن كان من الصادقين.

وأما قولهم عنه: "إنه صحيح" فهذا مما لا خلاف فيه عندهم، سوى بعض الأحاديث المستثناة منه التي انتقدها الدارقطني وغيره.

وكون هذا المشكك لا يعترف بذلك وإنكاره له أشد الإنكار فإنه بذلك قد خالف إجماع المسلمين منذ القرن الثالث الهجري وإلى اليوم.

وللإمام ابن حزم كلام خطير فيمن كان هذا حاله، وربما انفرد به عن العلماء، وهو: أن مخالف الإجماع بعلم كافر، فقد قال في مقدمة كتابه "مراتب الإجماع": «أما بعد: فإن الإجماع قاعدة من قواعد الملة الحنيفية يرجع إليه ويفزع نحوه، ويكفر من خالفه إذا قامت عليه الحجة بأنه إجماع» (٥).


(١) كذا في المنشور.
(٢) كذا في المنشور، وقد تكررت عدة مرات في أسماء عناوين الكتب في كتب الحديث في المنشور "بباب".
(٣) كذا في المنشور.
(٤) صحيح مسلم. وقد تقدم.
(٥) مراتب الإجماع لابن حزم (ص:٧).

<<  <   >  >>