للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: «ومن شرط الإجماع الصحيح: أن يُكَفَّر من خالفه بلا اختلاف بين أحد من المسلمين في ذلك» (١).

وتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: «فمن كفَّر مخالف الإجماع إنما يكفره إذا بلغه الإجماع المعلوم» (٢).

ثانيًا: القرآن الكريم المكتوب في المصاحف والمحفوظ في الصدور لا يتشكك فيه أحد من المسلمين، ولا تؤثر على صحته رواية مخالفة أينما رويت، ولا قراءة شاذة مهما تليت. وهذا من الإجماع المعلوم بين الأمة جميعًا.

ثالثًا: حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا في كون الرضعات المحرمة عشرًا ثم نسخن بخمس قرآنًا يتلى هي منسوخة بلا خلاف؛ بدليل: أنها غير موجودة في المصحف. وهو لا يؤمن بالنسخ، وهذا شأنه. فأما العشر الرضعات فنسخ حكمها وتلاوتها، وأما الخمس فنسخ تلاوتها وبقي حكمها. وإذا لم يعمل بهذا فلعله أن ينكح أخته أو أمه من الرضاعة.

وأما قول عائشة - رضي الله عنها -: (فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ) فمقصودها -كما ذكر النووي في "شرح صحيح مسلم"-: «أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدًا، حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ: "خَمْسُ رَضَعَاتٍ"، ويجعلها قرآنًا متلوًا؛ لكونه لم يبلغه النسخ؛ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يتلى» (٣).

والله أعلم.


(١) المصدر السابق (ص:١٠).
(٢) نقد مراتب الإجماع لابن تيمية (ص:٢٨٦).
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١٠/ ٢٩).

<<  <   >  >>