للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأجل هذا التعارض الظاهر بين الأحاديث وقع الاختلاف في كتابة العلم بين السلف من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم، ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف، كما قال القاضي عياض (١).

ولولا كتابة العلم لاندرس وذهبت معالمه وآثاره، قال الحافظ ابن الصلاح عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري بعد أن ذكر خلاف أهل العلم في الصدر الأول في جواز كتابة الحديث: «ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة» (٢).

وقد نقلت قبله نقل النووي عن القاضي: أن السلف من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين اختلفوا كثيرًا في كتابة العلم (٣)، ثم قال القاضي: «ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف» (٤).

[ثانيًا: الحفظ]

والمقصود به هنا: حفظ السنة في الصدور.

وقد هيأ الله تعالى لهذه السنة في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم في العصور التي بعده إلى نهاية عصر الرواية رجالًا حفظوها في صدورهم كما كانوا يحفظون السورة من القرآن. وقد اشتهر هؤلاء الرجال في الأمة حتى عرفوا بين الناس بـ"الحفاظ" مع تفاوتهم في ذلك، وكان باعثهم في ذلك عدة أمور:


(١) المصدر السابق (١٨/ ١٢٩ - ١٣٠).
(٢) معرفة أنواع علوم الحديث لعثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح الشهرزوري "المشهور بـ: مقدمة ابن الصلاح" (ص:١٨٣).
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١٨/ ١٢٩).
(٤) المصدر السابق (١٨/ ١٣٠).

<<  <   >  >>