للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

قواعد وشروط قبول السنة

اصطلح المحدثون على شروط معينة لقبول السنة المطهرة، لا يوجد مثلها في أي علم من العلوم، ولا عند أي أمة من الأمم غير الأمة الإسلامية.

وقد ألهم الله تعالى العلماء والمحدثين وضع هذه الشروط تحقيقًا لما وعد به - سبحانه وتعالى - من حفظ كتابه العزيز، ومن تمام حفظه عند العلماء حفظ السنة المطهرة؛ لأنها المبينة له والشارحة له، وبدونها لا يُعرف العام ولا المطلق، ولا المجمل ولا المشكل في القرآن، كما سبق توضيحه. بل إن وعد الله تعالى بحفظ الذكر يشملها؛ لأنها من الذكر، كما قال ابن حزم (١).

ولقد سبق المسلمون الأمم الأخرى إلى بيان هذه الشروط، بل إنها لا توجد عند غيرهم من الأمم، ومهما فتشت وبحثت في كتب الأمم الأخرى عنها فلن تجد عندهم منها شيئًا. وهذا مما يدل على حقيقة هذه الخاصية وأهميتها وانفراد السنة بها.

وقد اتفق العلماء على هذه الشروط التي وضعوها لقبول الحديث، وأي حديث لا تتوفر في هذه الشروط فإنهم لا يقبلونه.

وهذه الشروط هي:

[١ - اتصال السند]

ويقصد به: أن يكون كل راوٍ من رواة الحديث قد سمع من شيخه، من أول السند إلى منتهاه، بحيث يقول: "سمعت" أو "حدثني" أو "أخبرني" فلان.

أو يقول: "قال فلان" أو "عن فلان" أو "أن فلانًا" قال كذا، بشرط ألا يكون مدلسًا في صورة العنعنة هذه، ويمكن لقاؤه بشيخه، على رأي الجمهور إن لم يثبت أنه اجتمع به.

وذهب البخاري وعلي بن المديني إلى: أنه لا يحكم في ذلك بالاتصال إلا إذا ثبت أن الراوي لقي شيخه وسمع منه مباشرة ولو مرة في الدهر (٢).


(١) قال ابن حزم: «لأنها من الذكر المنزل الذي تكفل الله تعالى بحفظه، وضمان الله تعالى لا يخيس أصلًا، وكفالته تعالى لا يمكن أن تضيع». الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٤/ ١٦٥).
(٢) مقدمة ابن الصلاح (ص:٦٢ - ٦٦)، وتدريب الراوي للسيوطي (١/ ٢٤٤ - ٢٤٨).

<<  <   >  >>