للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الخامسة عشرة]

اتهام المحدثين بمخالفة القرآن

في قولهم بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم -

بما سيكون إلى يوم القيامة

يقول المشكك:

«ويقول تعالى: إن الرسول لا يعلم الغيب.

فيقول أهل الحديث من البخاريون (١): بل أخبرنا بما سيكون إلى يوم القيامة».

والجواب:

أولًا: كثيرًا ما نبهت على حكايته لقول الله تعالى ثم عدم إيراده للفظ الآية، وإنما يورد معناها أحيانًا أو لفظه هو، ونبهت كذلك على خطئه الشنيع في ذلك. وهذا الموضع منها.

ثانيًا: حكايته عن الله تعالى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب إن كان يقصد علم الغيب المطلق فصحيح، ولم يقل بذلك أحد من المسلمين، لا أهل الحديث ولا غيرهم.

وإن كان يقصد أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم شيئًا من الغيب بتعليم الله تعالى له فكذب منه على الله تعالى، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [العنكبوت:٦٨].

لأن القرآن الكريم الذي أنزل عليه - صلى الله عليه وسلم - يتحدث عن أمور غيبية كثيرة ماضية ومستقبلية، ويتحدث عن الجنة وما فيها من نعيم وعن النار وما فيها من عذاب، ويتحدث عن الملائكة - عليهم السلام - وعن الجن، وغير ذلك من الأخبار، وجميعها من الغيب الذي أخبرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى في كتابه، وذكر الله تعالى في كتابه أنه أوحاه إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأخبره به.

ومن ذلك:

١ - قال تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)} [آل عمران:٤٤].

٢ - قال تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)} [هود:٤٩].


(١) كذا في المنشور، والصواب: البخاريين.

<<  <   >  >>