ينبع القول بوجوب العمل بالسنة مما تشتمل عليه السنة من استقلالية في الأحكام وبيان مفصل للقرآن الكريم، إذ لو قال قائل أو نادى منادٍ بالاستغناء عنها والاكتفاء بالقرآن عنها لأبطل معظم الدين، ولما اهتدي إلى القيام بكثير من فرائضه وأحكامه. على أن مثل هذه المناداة لم تكن معروفة في السلف، وإنما وجدت بعدهم بين الزنادقة ثم في عصرنا الحاضر من المستشرقين وأذنابهم من المستغربين ومن يطلق عليهم بـ"القرآنيين" ممن لا يعرفون من القرآن إلا التلاوة التي تكاد لا تجاوز حناجرهم، بل إن كثيرًا منهم لا يحسنها، وإذا أحسنها فإنها لا يعرفها، وإذا عرفها فإنه لا يعمل بها.
وقد دل على وجوب العمل بالسنة: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع.
[أولاً: الأدلة من القرآن الكريم]
يدل على وجوب العمل بالسنة من القرآن: آياته الدالة على وجوب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته والاحتكام إلى سنته والرد إليها، وهي كثيرة جدًا، منها:
فهذه الآيات وغيرها مما في معناها تدل دلالة واضحة على: وجوب العمل بالسنة؛ لكون ذلك من طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومحبته والاقتداء به والتسليم لأمره والانقياد لحكمه، ومن لم يعمل بالسنة فليس مطيعًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا محبًا له ولا مقتديًا به ولا ممتثلًا لأمره ولا مجتنبًا لنهيه، بل هو عاصٍ لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - على اختلاف درجات المعصية، مستحق لما توعده الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة، وعلى هذا دل الكتاب والسنة، ومن ذلك: