للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل الثاني

تعارض السنة القولية مع القرآن الكريم

يقول هؤلاء المشككون:

"إن التعارض والتناقض فيما بين السنة وبين القرآن الكريم هو السبب الرئيس عندنا في ردها وعدم قبولها". ويذكرون لذلك أمثلة كثيرة.

والجواب:

أولًا: أن ما ذكرتموه من وجود التعارض والتناقض بين السنة والقرآن هو في الظاهر، وليس في الحقيقة والواقع، وهو كذلك في عقولكم وأفهامكم القاصرة، وليس عند ذوي الرسوخ في العلم.

ومن ثم فلا يوجد حديث ثابت محكم يتعارض مع القرآن الكريم البتة، وإن وجد فهو إما ضعيف أو شاذ أو منسوخ.

ثانيًا: إن سلمنا جدلًا بوجود أحاديث تتعارض مع القرآن الكريم فلا يعني ذلك رد السنة كلها وإبطالها وعدم الاحتجاج بها. فهذا هو مسلك أهل الأهواء والبدع والضلالات. ولكن ترد تلك الأحاديث فقط التي يزعم تعارضها مع القرآن، وبهذا يقول الشرع والعقل والمنطق.

ثالثًا: يقول المحققون: "إن دعوى التعارض ليست من البراهين الدامغة ولا الأدلة القاطعة على ضعف الحديث ورده؛ لاحتمال وجود قصور في الفهم أو العلم أو الاستدلال والاستنباط عند المدعي".

ولهذا لم يذكر علماء الجرح والتعديل أن التعارضَ من أسباب ضعف الحديث، والتي حصروها في:

١ - عدم اتصال السند.

٢ - عدم عدالة الراوي.

٣ - عدم ضبطه.

٤ - وجود شذوذ في السند أو المتن.

٥ - وجود علة قادحة في السند أو المتن.

رابعًا: لو كان التعارض في بعض الأحاديث في الظاهر إن سلَّمنا به تُرد به السنة كلها لرد بذلك القرآن الكريم؛ لوجود آيات ظاهرها التعارض وليست في الحقيقة كذلك، مثل:

قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} [الصافات:٢٤]، مع قوله تعالى: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)} [القصص:٧٨]، وقوله تعالى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)} [البقرة:١٧٤].

في آيات كثيرة جمعها العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب "أضواء البيان" في كتاب سماه: "دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب"، وبين معنى كل آية والمقصود بها، وأنه لا يوجد تعارض ولا تناقض بين آيات الله تعالى وحاشاه. وقد دل القرآن الكريم على هذا في عدة آيات، وهي:

<<  <   >  >>