فإن قال: نعم، كان يفعل كل ذلك، فيقال له: فهل كان يجب عليهم - رضي الله عنهم - امتثال أمره - صلى الله عليه وسلم - وطاعته واجتناب نهيه أم لا؟
فإن قال: يجب عليهم، فيقال له: فهل يجب عليهم وحدهم - رضي الله عنهم - أم يجب ذلك على الأمة كلها؟
فإن قال: يجب عليهم وحدهم فقد كذب بنص القرآن الكريم.
وإن قال: يجب على الأمة كلها، فيقال له: كيف يجب عليهم - رضي الله عنهم - وأنت تقول: لا يجوز الإيمان بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - القولية؟ فأي تناقض أعظم من هذا الذي تقوله؟!
ثانيًا: دعوى أنهم - رضي الله عنهم - لم يسمعوا الحديث من رسول الله عليه وسلم دعوى كاذبة، فقد سمعه منه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وسمعه التابعون من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهكذا حتى وصل إلى البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث. وما لم ينقل كذلك عندهم مع توفر بقية شروط الصحيح فلا يقبل عندهم.
ولا يشترط في نقل الأخبار وثبوتها أن يسمعها رواتها جميعًا المتأخرون والمتقدمون من النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما يطالب هذا المشكك؛ لاستحالة ذلك عقلًا على المتأخرين، ومن يطالب به ففي عقله شيء. وإنما تنقل الأخبار بطريق التسلسل والأسانيد راوٍ عن راوٍ حتى تصل إلى المتأخر.
ومن لا يقبل هذا التسلسل من الثقات فعليه أن يرد التاريخ كله، ويرد حكم القاضي؛ لأنه قائم على الشهادة وليس على السماع، ويرد أخبار الناس التي يتناقلها الثقات بينهم، ويرد الأخبار التي يتناقلها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء. ولم يقل بهذا أحد سواه. فاللهم احفظ علينا عقولنا.