ثالثًا: لا إشكال عند هذا المشكك في أن السنة العملية تبين القرآن الكريم. ومعنى هذا: إثباته لوجود المجمل في القرآن. وحينئذ كيف يرد على شبهة نفسه عندما وقع في محذور ما فر منه؟
رابعًا: أن السنة القولية التي بينت بعض الآيات إنما هي تفسير لأقوام لم يستطيعوا تعيين المراد من هذه الآيات؛ لقصور في فهمهم.
وذلك مثل: قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} [الأنعام:٨٢].
فالظلم عمومًا يراد به: ظلم الإنسان لنفسه بالمعاصي، وظلمه لغيره، والشرك بالله تعالى. فجاءت السنة القولية فوضحت لهم المراد بالظلم هنا، وأنه: الشرك بالله تعالى لا غير (١).
والله أعلم.
(١) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:٨٢] قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل -: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} [لقمان:١٣]). صحيح البخاري وصحيح مسلم. وقد تقدم.