للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف يصح عنه أيضًا - رضي الله عنه - أن الملائكة - عليهم السلام - كانت تعينه في تغسيل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم من قضايا الغيب التي لم يطلع عليها إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ ولهذا كان الإيمان بهم - عليهم السلام - أحد أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان العبد إلا بها (١). صحيح أن بعضًا من الملائكة - عليهم السلام - كانوا يتمثلون في صور بشر ويكلمون بعض الناس في الأمم السابقة، لكن ذلك كان نادرًا جدًا، حتى سماه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعجوبة). ومن ثمَّ أذن - صلى الله عليه وسلم - في التحديث بها عنهم - عليهم السلام - (٢). ومثل هذا التكليم والاجتماع لم يحدث في هذه الأمة قط، فنسبته إلى شخص ما لا بد عليه من دليل صحيح من الشرع، وإلا فإنه من الكذب الصريح الذي نربأ بعقولنا أن تصدقه، ونبرأ إلى الله تعالى منه.

أفلستم معي بعد هذا أن حق هذا الكتاب أن يُسمى: نهج الكذب؛ فهو ألصق به وأليق عليه؟ غير أن ذلك لا ينفي كونه كتاب أدب لا يشق له فيه غبار، ولا يُلحق له فيه شأو، وأنه لا مانع من استفادة أهل الاختصاص منه.


(١) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال في حديث سؤال جبريل - عليه السلام - للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلامتها -وفيه-: (قَالَ -يعني: جبريل - عليه السلام -: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ -يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ). صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة (١/ ٣٧)، رقم (٨).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ)، الحديث. صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة (١/ ١٩)، رقم (٥٠)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة (١/ ٣٩)، رقم (٩).
(٢) عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تَحَدَّثُوا -وفي رواية تمَّام: حَدِّثُوا- عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبً. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: خَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَتَوْا مَقْبَرَةً مِنْ مَقَابِرِهُمْ فَقَالُوا: لَوْ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ فَدَعَوْنَا اللَّهَ - عز وجل - يُخْرِجُ لَنَا بَعْضَ الْأَمْوَاتِ يُخْبِرُنَا عَنِ الْمَوْتِ، قَالَ: فَفَعَلُوا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ رَجُلٌ رَأْسَهُ مِنْ قَبْرٍ بَيْنَ عَيْنَيْهُ أَثَرُ السُّجُودِ فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ! مَا أَرَدْتُمْ إِلِيَّ؟ فَوَاللهِ لَقَدْ مِتُّ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ فَمَا سَكَنَتْ عَنِّي حَرَارَةُ الْمَوْتِ حَتَّى كَانَ الْآنَ، فادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُعِيدَنِي كَمَّا كُنْتُ). المنتخب من مسند عبد بن حُميد (ص:٣٤٩)، رقم (١١٥٦)، وفوائد تمَّام (١/ ٩٩ - ١٠٠)، رقم (٢٢٩). وقال الألباني: «صح الحديث». السلسلة الصحيحة للألباني (٦/ ١٠٢٩)، رقم (٢٩٢٦).

<<  <   >  >>