للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الاستنكار في غير محله:

أ- لأنها - رضي الله عنه - لم تكن صغيرة السن ولا ضعيفة البُنية، كما يدّعي، بل كانت ممتلئةً لحمًا، وبسبب كثرة لحمها عجزت أن تسبق النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسابقة الثانية بينهما (١)، كما جاء في الرواية التي أنكرها، وكان سِنُّها يوم وفاته - عليه الصلاة والسلام - ثمانية عشر عامًا أو تزيد.

ب- لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستند فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها - رضي الله عنها -، فقد كان في حال صحته يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن (٢).

وفي حديث آخر في قصة التيمم: عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: (فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ) (٣).

ولها - رضي الله عنها - فضائل أخرى كثيرة غير ما تقدم، منها:

١ - أن الله تعالى أنزل براءتها من الإفك في آيات تتلى إلى يوم القيامة (٤). وقد أجمع العلماء بعد ذلك على أن قاذفها كافر حلال الدم والمال (٥).


(١) عن عائشة - رضي الله عنها -: (أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ). مسند أحمد (٤٠/ ١٤٤)، رقم (٢٤١١٨)، وسنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في السبق على الرجل (٣/ ٣٠)، رقم (٢٥٧٨). وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن أبي داود للألباني (٢/ ١١٨)، رقم (٢٥٧٨).
(٢) عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ). صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض (١/ ٦٧)، رقم (٢٩٧)، وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب اتكاء الرجل في حجر زوجته وهي حائض وقراءة القرآن (١/ ٢٤٦)، رقم (٣٠١).
(٣) صحيح البخاري، كتاب التيمم -ولم يذكر له بابًا- (١/ ٧٤)، رقم (٣٣٤)، وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب التيمم (١/ ٢٧٩)، رقم (٣٦٧).
(٤) عن عائشة - رضي الله عنها - في حديث قصة الإفك الطويل -وفيه-: (فَأَنْزَلَ اللهُ - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور:١١]، عَشْرَ آيَاتٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ - عز وجل - هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ بَرَاءَتِي). صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضًا (٣/ ١٧٦)، رقم (٢٦٦١)، وصحيح مسلم، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (٤/ ٢١٣٦)، رقم (٢٧٧٠).
(٥) وممن نقل الإجماع على ذلك:
١ - الإمام النووي، حيث قال: «براءة عائشة - رضي الله عنها - من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافرًا مرتدًا بإجماع المسلمين». شرح صحيح مسلم للنووي (١٧/ ١١٧).
٢ - ابن تيمية، حيث قال: «قال القاضي أبو يعلى: "من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف". وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد، وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم». الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية (ص:٥٦٥ - ٥٦٦).
٣ - ابن القيم، حيث قال: «واتفقت الأمة على كفر قاذفها». زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (١/ ١٠٣).
٤ - ابن كثير، حيث قال: «وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها». البداية والنهاية لابن كثير (٨/ ٩٩).
٥ - زين الدين العراقي، حيث قال: «فصارت براءة عائشة - رضي الله عنها - من الإفك براءة قطعية بنص القرآن، فلو شك فيها إنسان والعياذ بالله تعالى صار كافرًا مرتدًا بإجماع المسلمين». طرح التثريب في شرح التقريب لزين الدين العراقي (٨/ ٦٩).

<<  <   >  >>