للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الحديث يُجاب عليه بالآتي:

١ - هذا الحديث قال عنه الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وأقره الذهبي بقوله: «صحيح» (١).

وليس كما قالا، وإنما هو حديث ضعيف الإسناد، فقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" والحاكم في "مستدركه" من طريق أحمد بإسناده عن مغيرة عن أم موسى

-وفي "المستدرك": «أبو موسى»، وهو تصحيف- عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت، الحديث.

ومغيرة هو ابن مقسم الضبيّ الكوفي، قال ابن حجر: «ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم» (٢).

قلت: وهو هنا قد دلّس، حيث روى بالعنعنة، فلا يُقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، كما قال أهل هذا الشأن.

وأمَّا أم موسى فقد قال عنها ابن حجر أيضًا: «سُرِّية علي، قيل: اسمها فاختة، وقيل: حبيبة، مقبولة» (٣).

وهذا يعني أنها ضعيفة، إلا إذا تُوبعت فإنه يتقوى حديثها، وحيث لا متابعة هنا ولا شاهد فالحديث ضعيف. هذا من ناحية.

٢ - لا يوجد أي تعارض بين حديث عائشة - رضي الله عنها - السابق وبين حديث أم سلمة - رضي الله عنها - هذا، فإن مراد أم سلمة - رضي الله عنها -: أن عليًا - رضي الله عنه - هو أقرب الرجال عهدًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بدليل: أن فاطمة - رضي الله عنها - كانت موجودة لما قُبض - عليه الصلاة والسلام -، فقد أخرج البخاري عن أنس - رضي الله عنه - قال: (لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ -أي: كرب الموت-، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عليها السلام -: وَا كَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ. فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ - عليها السلام -: يَا أَنَسُ! أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ) (٤).


(١) المستدرك للحاكم (٣/ ١٤٩).
(٢) تقريب التهذيب لابن حجر (ص:٥٤٣).
(٣) المصدر السابق (ص:٧٥٩).
(٤) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته (٦/ ١٥)، رقم (٤٤٦٢).

<<  <   >  >>