للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن أم سلمة - رضي الله عنها - لم تقل: إن عليًا - رضي الله عنه - لم يفارق النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مات. وغاية ما يدلُّ عليه كلامها: هو اجتماعه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم الذي مات فيه. ولا شك أن هذا قد حصل، وحصل معه كذلك المناجاة والمسارة، فلما انتهى ما أسرّه إليه - صلى الله عليه وسلم - خرج - رضي الله عنه -؛ ليُفسح المجال لنسائه - صلى الله عليه وسلم - اللائي كنّ ينتظرن خارج البيت - رضي الله عنه - ن.

٤ - ثم على سبيل الفرض: لو أن حديث أم سلمة يتعارض مع حديث عائشة - رضي الله عنهما - لم يقدم عليه عند المحدثين جميعًا؛ لكون حديث عائشة - رضي الله عنها - أصح. قال ابن حجر

-وهو يسوق الأحاديث المعارضة لحديث عائشة - رضي الله عنها -: «ومن حديث أم سلمة قالت: (عَلِيٌّ آخِرُهُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -). والحديث عن عائشة أثبت من هذا، ولعلها أرادت آخر الرجال به عهدًا. ويمكن الجمع: بأن يكون عَلِيٌّ آخرهم عهدًا به، وأنه لم يفارقه حتى مال، فلما مال ظنَّ أنه مات، ثم أفاق بعد أن توجه -أي: خرج-، فأسندته عائشة بعده إلى صدرها فقُبض» (١).

ثانيًا: بقية الأحاديث والآثار التي استدل بها على إنكار حديث عائشة - رضي الله عنها - كلها أخرجها ابن سعد، كالتالي:

فالحديث الثاني: أخرجه ابن سعد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه: (ادْعُوا لِي أَخِي. قَالَ: فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي. فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَاسْتَنَدَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَنِدًا إِلَيَّ وَإِنَّهُ لِيُكَلِّمُنِي حَتَّى إِنَّ بَعْضَ رِيقِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُصِيبُنِي، ثُمَّ نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَقُلَ فِي حِجْرِي) (٢).

والحديث الثالث: أخرجه أيضًا ابن سعد عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما -: (أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارَ قَامَ زَمَنَ عُمَرَ فَقَالَ وَنَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: مَا كَانَ آخِرُ ما تكلم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ عُمَرُ: سَلْ عَلِيًا. قَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ هُنَا. فَسَأَلَهُ فَقَالَ عَلِيُّ: أَسْنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَقَالَ: الصَّلاةَ الصَّلاةَ! فَقَالَ كَعْبٌ: كَذَلِكَ آخِرُ عَهْدِ الأَنْبِيَاءِ وَبِهِ أُمِرُوا وَعَلَيْهِ يُبْعَثُونَ. قَالَ: فَمَنْ غَسَّلَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟! قَالَ: سَلْ عَلِيًّا. قال فسأله فقال: كنت أنا أغسله) (٣).

والحديث الرابع: أخرجه أيضًا ابن سعد عن أبي غطفان قال: (سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّيَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ أَحَدٍ؟ قَالَ: تُوُفِّيَ وَهُوَ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ. قُلْتُ: فَإِنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي (٤)، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَعْقِلُ؟ وَاللَّهِ لَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَمُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِ عَلِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ) (٥).


(١) فتح الباري لابن حجر (٨/ ١٣٩).
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢٠٢). وقال الألباني: «موضوع». السلسلة الضعيفة للألباني (١٠/ ٦٤٦)، رقم (٤٩٤٥).
(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢٠١ - ٢٠٢). وقال الألباني: «موضوع». السلسلة الضعيفة للألباني (١٠/ ٧١٢)، تحت رقم (٤٩٦٩).
(٤) حديث عائشة - رضي الله عنها - بهذا اللفظ قد تقدم.
(٥) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢٠٢). وقال الألباني: «موضوع». السلسلة الضعيفة للألباني (١٠/ ٧١٠)، رقم (٤٩٦٩).

<<  <   >  >>