للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب:

أولًا: الآية التي أشار إليها هي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)} [الأنبياء:١٠١ - ١٠٢].

ثانيًا: أن هذه الشبهة منتقضة بأمرين:

١ - بمعرفة المقصود بـ {الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى}، وفي ذلك أقوال:

أ- أن المقصود بهم هم: المعبودون من دون الله تعالى بغير رضاهم من الأنبياء كعيسى وعزير - عليهما السلام -، وكبعض الملائكة - عليهم السلام -. فهي استثناء من قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:٩٨]. ثم استثنى سبحانه هؤلاء الأنبياء والملائكة - عليهم السلام - من العذاب، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء:١٠١].

فـ {إِنَّ} في الآية بمعنى: "إلا"، أي: إن هؤلاء الذين عُبدوا من دون الله من الأنبياء والملائكة بغير رضا منهم هم مبعدون عن النار، ولا يسمعون حسيسها.

ب- أن المقصود بهم هم: المؤمنون الفائزون، فإنهم لا يسمعون حسيس النار؛ لأنهم يمرون على الصراط مرًا سريعًا، أسرع من لمح البصر والبرق والريح.

ج- أن المقصود بهم هم: أهل الجنة، فإنهم لا يسمعون حس النار، ولا حس أهلها.

٢ - أن إنكار هذا المشكك للصراط بقوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء:١٠٢] جهل مركب بالقرآن الذي يثبت ورود الناس جميعًا على جهنم، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)} [مريم:٧١]، أي: أن جميع الناس سيردون جهنم، فأما المؤمنون المتقون فينجيهم الله تعالى منها، وأما الكافرون فيبقيهم فيها ولا يخرجهم منها.

وإذا لم يكن معنى الورود هنا هو: "العبور على الصراط" فلا محيص لهذا المشكك من أن يفسره بدخول النار. وهو قاصمة الظهر له، ولكلامه وشبهته؛ لأنهم بدخولهم النار فقد سمعوا حسيسها وذاقوا طعمها وتلظوا بلهبها. وهذا لا يتفق مع وعده تعالى لهم بأنهم {عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء:١٠١]، أي: لا يدخلونها أبدًا.

<<  <   >  >>