للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- أن السلام تحية خاصة بالمسلمين.

ب- أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فكيف تلقيه على من لا يؤمن به - سبحانه وتعالى - ولا يقر بألوهيته ووحدانيته؟ فإلقاؤه على الكافر فيه مناقضة لمعناه؛ لأن من معانيه: أنه المُسلِّمُ لعباده من عذابه. فكأنك حين تلقيه عليه تدعو له أن يسلمه الله من عذابه. ولا يصح هذا في حق الكافر.

ج- ما في السلام من إعزاز وتودد وتحبب إلى الكافر، وقد نهانا الله عن ذلك.

وأما بدؤهم بغير السلام فلا مانع منه، مثل: صباح الخير، ومساء الخير، وأهلًا، ومرحبًا، ونحو ذلك من التحايا.

٣ - لم يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه - رضي الله عنهم - ولا عن أحد من السلف أنهم كانوا يضيقون على الواحد من أهل الكتاب الطريق حتى يلصقونه بالجدار مثلًا.

وإذا كان الحال كذلك فمعنى قوله في الحديث: (فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ)، أي: لا توسعوا لهم إذا قابلوكم في طريق بحيث تكون لهم السعة فيه ولكم الضيق، بل استمروا في طريقكم، فإن وجد ضيق فيكون عليهم لا عليكم. وهذا أمر طبيعي في كل شخص يمشي في طريق، فإنه يسير في الطريق الواسع ويترك الضيق منه لغيره. والله أعلم.

ثالثًا: إنكار هذا المشكك الجاهل لفرض الجزية على أهل الكتاب هو إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، وإنكار لمحكم القرآن الكريم الذي يدعي الإيمان به والاكتفاء به عن السنة، وذلك ردةٌ. قال تعالى في بيان فرض الجزية على أهل الكتاب: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة:٢٩].

رابعًا: لم يرد حديث صحيح في النهي عن عيادة مرضى الكفار من غير المحاربين، وما روي في ذلك لم يثبت، بل حكم عليه بعض العلماء -كالجوزقاني- بالوضع، بل عكسه -وهو زيارتهم- هو الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد ثبت في الصحيح عن أنس - رضي الله عنه - قال: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ. فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ) (١).

وفي رواية: (فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ) (٢).


(١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام (٢/ ٩٤)، رقم (١٣٥٦).
(٢) مسند أحمد (٢١/ ٧٨)، رقم (١٣٣٧٥). وقال محققو مسند أحمد -شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون-: «إسناده صحيح على شرط الشيخين». مسند أحمد (٢١/ ٧٨)، حاشية رقم (٢).

<<  <   >  >>