للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: قوله: «وقد ارتد على عهد رسول الله كثيرون فلم يقتلهم» غير صحيح، بل العكس هو الصحيح، والذين قتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الردة كثيرون، ومنهم:

١ - العرنيون الذين أسلموا واجتووا المدينة. فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ) (١). متفق عليه.

وهذه عقوبة مغلظة؛ لقتلهم وردتهم (٢).

٢ - كعب بن الأشرف وأبو رافع بن أبي الحقيق اليهوديان. وقد كانا يؤذيان النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقتلهما غيلة. فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا -يَعْنِي: النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ: وَأَيْضًا، وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَه) (٣).

وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ) (٤).


(١) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها (١/ ٥٦)، رقم (٢٣٣)، وصحيح مسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب حكم المحاربين والمرتدين (٣/ ١٢٩٧)، رقم (١٦٧١).
(٢) قال أبو قلابة -أحد رجال سند الحديث-: (فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ). صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها (١/ ٥٦)، رقم (٢٣٣).
وفي إحدى روايات البخاري للحديث: (وَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا). صحيح البخاري، كتاب الديات، باب القسامة (٩/ ١٠)، رقم (٦٨٩٩). وقائل ذلك هو: أبو قلابة. فتح الباري لابن حجر (١٢/ ٢٤١).
وفي إحدى روايات مسلم: (مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -). صحيح مسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب حكم المحاربين والمرتدين (٣/ ١٢٩٧)، رقم (١٦٧١).
(٣) بهذا اللفظ أخرجه في: صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الكذب في الحرب (٤/ ٦٤)، رقم (٣٠٣١). وهو في صحيح مسلم بأطول من هذا. صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب قتل
كعب بن الأشرف طاغوت اليهود (٣/ ١٤٢٥)، رقم (١٨٠١). وقد جاء الحديث بأطول من هذا في: صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قتل كعب بن الأشرف (٥/ ٩٠ - ٩١)، رقم (٤٠٣٧)، وصحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود (٣/ ١٤٢٥)، رقم (١٨٠١).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب قتل المشرك النائم (٤/ ٦٣)، رقم (٣٠٢٣). وأخرجه البخاري في موضع سابق بأطول من هذا. صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب قتل المشرك النائم (٤/ ٦٣)، رقم (٣٠٢٢).

<<  <   >  >>