للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب:

أولًا: قول هذا المشكك عن "صحيح البخاري": «الآثم» هو الإثم بعينه والزور والبهتان حقًا.

وما ذنب البخاري في ذلك؟ فإنما هو ناقل وراوٍ، وهو لم ينكر كون المعوذتين من القرآن، بل خالف ابن مسعود - رضي الله عنه - وأصحابه، وأورد هاتين السورتين في تفسير القرآن من صحيحه، وبوب على ذلك بقوله: «سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} [الفلق:١]» (١)، ثم شرح بعض ألفاظ هذه السورة، ثم روى الحديث رقم (٤٩٧٦) عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - في إثبات قرآنيتها (٢).

وقال عقب ذلك: «سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} [الناس:١]» (٣)، وشرح كذلك بعض ألفاظها الغريبة، ثم روى الحديث رقم (٤٩٧٧) عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - السابق في إثبات قرآنيتها (٤).

ثم ذكر هاتين السورتين في كتاب فضائل القرآن من صحيحه، فقال: «باب فضل المعوذات» (٥)، ثم روى حديث عائشة - رضي الله عنها - رقم (٥٠١٦): (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا) (٦).

وروى كذلك حديثها - رضي الله عنها - الآخر رقم (٥٠١٧): (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)}، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) (٧).

ثانيًا: أجمع المسلمون أن القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - هو: المكتوب في المصاحف المعجز المبتدأ بسورة الفاتحة والمختتم بسورة الناس المتواتر بلفظه ومعناه. وأن الله تعالى قد وسع على الأمة في قراءته حتى بلغت عشر قراءات متواترة، وأن من قرأ على خلاف هذه القراءات فقراءته شاذة ومردودة مهما بلغ شأوه في العلم ومنزلته في الإسلام.


(١) صحيح البخاري (٦/ ١٨١).
(٢) وهو حديث: زر بن حبيش قال: (سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: قِيلَ لِي فَقُلْتُ. فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -). صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} [الفلق:١] (٦/ ١٨١)، رقم (٤٩٧٦).
(٣) صحيح البخاري (٦/ ١٨١).
(٤) وهو أيضًا حديث: زر بن حبيش قال: (سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ! إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِي: قِيلَ لِي فَقُلْتُ. قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -). صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} (٦/ ١٨١)، رقم (٤٩٧٧).
(٥) صحيح البخاري (٦/ ١٨٩).
(٦) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل المعوذات (٦/ ١٩٠)، رقم (٥٠١٦).
(٧) المصدر السابق، نفس الكتاب والباب والجزء والصفحة، رقم (٥٠١٧).

<<  <   >  >>