للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع عِظَم هذه المكانة لآل البيت عند أهل السُّنَّة إلا إنهم لا يعتقدون أنهم خير النَّاس ولا أفضلهم مطلقًا؛ لأن الخيرية عند الله تعالى لا تكون إلا بالتقوى، قال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:١٣].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ) (١).

ويختص الصحابة منهم بفضائل لا تكاد تخفى على أحد.

أمَّا نسبهم فلا يطالهم فيه ذو نسب، ولا يبزّهم فيه أحد، فعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) (٢).

وكذلك لا يعتقدون فيهم العصمة؛ لأن العصمة لا تكون إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمَّا من عداهم فإنهم يُصيبون ويُخطئون، ويُحسنون ويُسيئون؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (٣).

وأيضًا لا يعتقدون أنهم سفن النجاة، كما يقول صاحب الرسالة وغيره؛ إذ أن سفن النجاة في الحقيقة هم الأنبياء - عليهم السلام - والأعمال الصالحة فقط، أمَّا آل البيت فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله، مثل غيرهم من البشر.


(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)} [النساء:١٢٥] (٤/ ١٤٠)، رقم (٣٣٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل يوسف - عليه السلام - (٤/ ١٨٤٦)، رقم (٢٣٧٨).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسليم الحجر عليه قبل النبوة (٤/ ١٧٨٢)، رقم (٢٢٧٦).
(٣) مسند أحمد (٢٠/ ٣٤٤)، رقم (١٣٠٤٩)، وسنن الدارمي، كتاب الرقاق، باب في التوبة (٣/ ١٧٩٣)، رقم (٢٧٦٩)، وسنن ابن ماجة، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة (٢/ ١٤٢٠)، رقم (٤٢٥١)، وسنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب -ولم يذكر له عنوانًا- (٤/ ٦٥٩)، رقم (٢٤٩٩). وقال الألباني: «حسن». صحيح سنن ابن ماجة للألباني (٣/ ٣٨٣)، رقم (٣٤٤٧).

<<  <   >  >>