للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير ذلك.

فإن هذه القضايا وغيرها لم يقبلها المسلم بمجرد عرضها على العقل فقط، وإنما قبلها لكونه مؤمنًا، ومن صفة المؤمن: التسليم والانقياد لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو خالف ذلك عقله وهواه، وعلى ذلك دلت الكثير من آيات القرآن الكريم، ومنها:

أ- قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء:٦٥].

ب- قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور:٥١].

٢ - قال: «وحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم أن يصدر منه هذا الفعل المستهجن عمله عند العرف العام»، يعني: البول من قيام.

وقال: «فلا شك أن الله - سبحانه وتعالى - يطالبنا بتنزيهه وتقديسه، وعدم قبول المطاعن فيه، ولذلك نحن وكل المسلمين مطالبون بطرح كل ما يتعارض مع عصمته أو ما يمسّ شخصه الكريم من قريب أو بعيد».

فيقال له: إن القول: "إن البول قائمًا يخالف الآداب السامية والأخلاق النبيلة، وأنه من الأفعال المستهجنة عرفًا، وأنه يتعارض مع عصمته - صلى الله عليه وسلم - " ليس بصحيح، وكيف يكون صحيحًا وهو أمر مألوف عند العرب في الجاهلية والإسلام؟ ويدلُّ عليه:

أ- قول حذيفة - رضي الله عنه - في حديثه السابق: (فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ) (١).

ب- عن عبد الرحمن ابن حسنة - رضي الله عنه - قال: (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِي يَدِهِ كَهَيْئَةِ الدَّرَقَةِ (٢)، فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَلَسَ خَلْفَهَا فَبَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: انْظُرُوا يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ) (٣)، الحديث.


(١) صحيح البخاري وصحيح مسلم. وقد تقدم.
(٢) قال السيوطي: «الدَّرَقَةِ -بفتح الدال والراء المهملتين والقاف-: الْحَجَفَةُ، والمراد بها: الترس إذا كان من جلود وليس فيه من خشب ولا عصب، وهو القصب الذي تعمل منه الأوتار. وذكر القزاز: أنها من جلود دواب تكون في بلاد الحبشة». حاشية السيوطي على سنن النسائي "مطبوع مع: سنن النسائي" (١/ ٢٧).
(٣) مسند أحمد (٢٩/ ٢٩٣)، رقم (١٧٧٥٨)، وسنن ابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها، باب التشديد في البول (١/ ١٢٤)، رقم (٣٤٦)، وسنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب الاستبراء من البول (١/ ٦)، رقم (٢٢)، وسنن النسائي، كتاب الطهارة، البول إلى السترة يستتر بها (١/ ٢٦)، رقم (٣٠). وقال الألباني: «صحيح». صحيح ابن ماجة للألباني (١/ ١٢٥)، رقم (٢٨١).

<<  <   >  >>