للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونصَّ عليه كذلك الحميدي في "مسنده"، حيث جاء في روايته للحديث: «قال سفيان: قال سليمان: لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتُها أو سكت عنها» (١).

ولما كانت مبهمة فقد اختلف العلماء في المراد بها، قال ابن حجر: «قال الداودي: "الثالثة: الوصية بالقرآن. وبه جزم ابن التين". وقال المهلب: "بل هي تجهيز جيش أسامة". وقوَّاه ابن بطال: بأن الصحابة لما اختلفوا على أبي بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد بذلك عند موته) (٢).


(١) مسند الحميدي (١/ ٤٥٨)، رقم (٥٣٦).
(٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتُخْلِفَ مَا عُبِدَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ. ثُمَّ قِيلَ لَهُ: مَهْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَّهَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي سَبْعِمِائَةٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِذِي خَشَبٍ قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ! رُدَّ هَؤُلَاءِ، تُوَجِّهُ هَؤُلَاءِ إِلَى الرُّومِ وَقَدِ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ جَرَتِ الْكلَابَ بأَرْجُلِ أَزوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَدَدْتُ جَيْشًا وَجَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا حَلَلْتُ لِوَاءً عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَّهُ أُسَامَة)، الحديث. الاعتقاد للبيهقي، باب تنبيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خلافة أبي بكر الصديق بعده وبيان ما في الكتاب من الدلالة على صحة إمامته وإمامة من بعده من الخلفاء الراشدين (ص:٣٤٥)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢/ ٦٠). وقال السيوطي: «سنده حسن». جمع الجوامع للسيوطي (١٤/ ٢٣٠)، رقم (٣٧٢).
وعن عروة بن الزبير: (أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ. فَقُبِضُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُسَامَةُ بِالْجُرْفِ، فَكَتَبَ أُسَامَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَعْظَمُ الْحَدَثِ، وَمَا أَرَى الْعَرَبَ إِلا سَتَكْفُرُ، وَمَعِيَ وُجُوهُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحدهُمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ نُقِيمَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَسْتَفْتِحَ بِشَيْءٍ أَوْلَى مِنْ إِنْفَاذِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَأَنْ تَخَطَّفَنِيَ الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ). الطبقات الكبرى لابن سعد (٤/ ٥٠)، ترجمة: أسامة الحب بن زيد - رضي الله عنهما -، رقم الترجمة (٣٥٧)، وتاريخ خليفة بن خياط (ص:١٠٠)، وتاريخ الرسل والملوك للطبري "المشهور بـ: تاريخ الطبري" (٣/ ٢٢٥). وقال في "صحيح وضعيف تاريخ الطبري" -تحقيق وتخريج وتعليق: محمد بن طاهر البرزنجي- عن رواية الطبري: «إسناده ضعيف». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٦)، حاشية رقم (١). وقال أيضًا في نفس الصفحة عن سند رواية خليفة بن خياط: «إسناد مرسل». وقال عن رواية ابن سعد: «أخرجه ابن سعد مختصرًا (٤/ ٦٧، ٦٨) من روايتين مرسلتين عن عروة، وإسنادهما حسن إلى عروة». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٥)، حاشية رقم (١).
وفي تاريخ خليفة بن خياط: «عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: إِنَّ الْعَرَبَ قَدِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ، وَإِنَّكَ لَا تَصْنَعُ بِتَفْرِيقِ النَّاسِ عَنْك شَيْئا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي بَكْرٍ بِيَدِهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّ السِّبَاعَ أَكَلَتْنِي بِهَذِهِ الْقرْيَة لأنقذت هَذَا الْبَعْثَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنْفَاذِهِ». تاريخ خليفة بن خياط (ص:١٠٠ - ١٠١). وقال في "صحيح وضعيف تاريخ الطبري" -تحقيق وتخريج وتعليق: محمد بن طاهر البرزنجي-: «معضل». صحيح وضعيف تاريخ الطبري لمحمد بن طاهر البرزنجي (٨/ ٢٦).

<<  <   >  >>