للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - الوعيد بالمخالفة بين الوجوه. فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ: عِبَادَ اللهِ! لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) (١).

قال النووي عن معنى هذا الحديث: «قيل: معناه: يمسخها ويحولها عن صورها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ) (٢). وقيل: يغير صفاتها.

والأظهر -والله أعلم- أن معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال: تغير وجه فلان عليَّ، أي: ظهر لي من وجهه كراهة لي وتغير قلبه عليَّ. لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن» (٣).


(١) قال محقق السيرة النبوية لابن كثير -مصطفى عبد الواحد- عن معنى: (خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ): في موضع قضاء الحاجة. السيرة النبوية لابن كثير (٤/ ٢١)، حاشية رقم (١).
(٢) يُلاحظ هنا الاختلاف بين رواية ابن إسحاق عما جاء في حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - المتقدم- في المكان الذي هبت فيه هذه الريح الشديدة التي احتملت الرجل الذي قام لما هبت وألقته في جبل طَيِّئ، ففي رواية أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - السابقة في الصحيحين: أن هذه الريح التي احتملت الرجل وألقته في جبل طَيِّئ هبت في تبوك. والمذكور في رواية ابن إسحاق هذه: أن هذه الريح هبت في الحجر، وليس في تبوك.
(٣) عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - في حديث قصة خروجهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك -وفيه-: (وَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ. فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ). صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ١٧٨٥)، رقم (١٣٩٢). وأخرجه كذلك البخاري في صحيحه بلفظ: (فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ -أي: الريح- بِجَبَلِ طَيِّئٍ). صحيح البخاري. وقد تقدم.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٥٢١ - ٥٢٢). والحديث أخرجه في: دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني، ذكر ما كان في غزوة تبوك (ص:٥٢٤)، رقم (٤٥٣)، ودلائل النبوة للبيهقي، أبواب غزوة تبوك، باب خرص النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسيره وإخباره عن الريح التي تهب تلك الليلة ودعائه للذي خنق وما ظهر في كل واحد منها من آثار النبوة (٥/ ٢٤٠). وقال في "مرويات الإمام الزهري في المغازي" عن رواية البيهقي: «وهي ضعيفة؛ لعنعنة ابن إسحاق». مرويات الإمام الزهري في المغازي لمحمد بن محمد العواجي (٢/ ٨٢٨).
(٥) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام (١/ ٣٢٤)، رقم (٤٣٦).
وفي رواية في الصحيحين: عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ). صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها (١/ ١٤٥)، رقم (٧١٧)، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام (١/ ٣٢٤)، رقم (٤٣٦).
(٢) صحيح البخاري وصحيح مسلم. وقد تقدم.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ١٥٧).

<<  <   >  >>