للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قيل: إن قراءة الخفض محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما الخفان. ونُقل ذلك عن الإمام الشافعي (١).

٣ - قيل: إن المراد بمسح الرجلين هو: الغسل الخفيف، كما ثبت عن الإمام علي - رضي الله عنه -: (أنه توضأ من غير حدث بحفنة واحدة لجميع أعضائه) (٢). رواه البخاري مختصرًا، والبيهقي مطولًا (٣).

القراءة الثانية: {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب، عطفًا على غسل الوجه واليدين.

وهذه القراءة توجب غسل الرجلين، ودل على ذلك ثلاثة أمور:

١ - الأحاديث القولية الكثيرة والتي تبلغ حد التواتر، وينكرها هذا المشكك الضال.

٢ - السنة العملية التي يؤمن بها ولا يخالف في الاحتجاج بها كما يقول.

فيقال له: إن أكثر من مليار مسلم في جميع أنحاء المعمورة يغسلون أرجلهم في الوضوء، فهل هؤلاء جميعًا على خطأ، ولا يتوضؤون على وفق أمر الله تعالى لهم؟! هذا محال. ولا يمكن لعاقل أن يتهمهم بذلك، وقد أخذ هؤلاء جميعًا هذه السنة العملية في الوضوء عمن قبلهم، وأخذ أولئك عمن قبلهم، وكذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤)، ولم يختلفوا عليه في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل قدميه في الوضوء إذا لم يكن يلبس الخفين (٥).


(١) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣).
(٢) عن النزال بن سبرة حدث عن علي - رضي الله عنه -: (أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قِيَامًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ). صحيح البخاري، كتاب الأشربة، باب الشرب قائمًا (٧/ ١١٠)، رقم (٥٦١٦).
ولفظ البيهقي: عن النزال بن سبرة حدث عن علي - رضي الله عنه -: (أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي رَحَبَةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً وَاحِدَةً فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ). السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الطهارة، باب قراءة من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] نصبًا وأن الأمر رجع إلى الغسل وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة (١/ ١٢٢)، رقم (٣٥٤).
(٣) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣).
(٤) قال البغوي: «وذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم إلى وجوب غسل الرجلين». تفسير البغوي (٢/ ٢٣).
وقال أبو الحسن بن القطان: «وغسل القدمين في الوضوء مع القدرة عليه فرض عند جميع الفقهاء، إلا الطبري». الإقناع في مسائل الإجماع لأبي الحسن ابن القطان (١/ ٨٦).
وذكر الكتاني: أن غسل الرجلين في الوضوء من الأحاديث المتواترة. نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني (ص:٥٨).
(٥) قال ابن حجر: «وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة وضوئه أنه غسل رجليه، وهو المبين لأمر الله». فتح الباري لابن حجر (١/ ٢٦٦).
وقال الكتاني: «غسل الرجلين في الوضوء أطبق من حكى وضوءه - عليه الصلاة والسلام -». نظم المتناثر للكتاني (ص:٥٨).

<<  <   >  >>