للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا أحسن الأجوبة لمن لا يؤمن بالسنة واستقلالها بالتشريع.

٢ - أن هذه الآية المقصود بها: قصر الصلاة في الخوف والحرب، وأما قصر الصلاة في السفر عمومًا فقد شرعه الله تعالى في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالقول والفعل الذي بلغ حد التواتر (١)، وليس في هذه السنة شك؛ لأنها من السنن المتواترة قولًا وعملًا، وليس أحد من المسلمين على هذه البسيطة بلغ حد التكليف إلا وهو يعرف هذه السنة، ويؤديها في حال سفره، وأجمع عليها المسلمون (٢).

ومن ثمَّ فليس لمن يشككون في السنة القولية عذر في ردها؛ لكونها من السنن العملية الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

٣ - أن القصر إنما هو لصلاة الخوف بمنطوق الآية، وأما صلاة السفر فقد فرضت ركعتان -ما عدا صلاة المغرب- في أول الإسلام، ثم أتمت صلاة الحضر بعد ذلك، وبقيت صلاة السفر على حالها كما فرضت أولًا (٣).


(١) قال الإمام الطحاوي: «وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتقصيره في أسفاره كلها». شرح معاني الآثار للطحاوي، كتاب الصلاة، باب صلاة المسافر (١/ ٤١٦)، تحت رقم (٢٣٩١). ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك.
وعده كذلك الكتاني من الأحاديث المتواترة. نظم المتناثر للكتاني (ص:١٠٩).
(٢) وممن حكى الإجماع على ذلك:
١ - الإمام ابن المنذر، حيث قال: «وأجمعوا على أن لمن سافر سفرًا تقصر في مثله الصلاة مثل: حج أو جهاد أو عمرة أن يقصر الظهر والعصر العشاء، يصلي كل واحدة منها ركعتين ركعتين». الإجماع لابن المنذر (ص:١٤١).
٢ - الإمام ابن قدامة، حيث قال: «وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفرًا تقصر في مثله الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية فيصليها ركعتين». المغني لابن قدامة (٢/ ١٨٨).
(٣) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى). صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ (٥/ ٦٨)، رقم (٣٩٣٥).
وفي لفظ مسلم: عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ). صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها (١/ ٤٧٨)، رقم (٦٨٥).
وكون المغرب لم تفرض ركعتين في أول الأمر جاء عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فُرِضَتْ ثَلَاثًا). مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، من قال: وتر النهار المغرب (٢/ ٨١)، رقم (٦٧١٠)، ومسند أحمد (٤٣/ ٣١٧)، رقم (٢٦٢٨٢)، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، باب إتمام المغرب في السفر والحضر وألا قصر فيها (٣/ ٢٠٨)، رقم (٥٤٤٣). وقال محققو مسند أحمد -شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد وآخرون-: «إسناده ضعيف». مسند أحمد (٤٣/ ٣١٧)، هامش رقم (٢).

<<  <   >  >>