بِأَنْ يَكُونَ حَالَةَ عَدَمِهِ مَأْمُورًا (خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ) فِي نَفْيِهِمْ التَّعْلِيقَ الْمَعْنَوِيَّ أَيْضًا لَنَفِيهِمْ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ وَالنَّهْيَ وَغَيْرَهُ كَالْأَمْرِ وَسَيَأْتِي تَنَوُّعُ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَى الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ.
(فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ)
ــ
[حاشية العطار]
الْمُكَلَّفِ عِنْدَ وُجُودِهِ بِشَرَائِطِ التَّكْلِيفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْكَمَالُ فَلَا إشْكَالَ اهـ.
وَكَلَامُ سم يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ فَإِنَّهُ أَجَابَ عَنْ التَّنَاقُضِ بِأَنَّ حَاصِلَ التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ تَعْلِيقُ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ عَلَى الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ فَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ الْمُنْتَفِي قَبْلَهُ هُوَ التَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ وَالْمَطْلُوبُ إثْبَاتُهُ قَبْلَ الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ هُوَ التَّعَلُّقُ الْمَعْنَوِيُّ اهـ.
وَنَازَعَ النَّاصِرُ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يَثْبُتُ إلَخْ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَعَلُّقِ الْأَمْرِ لَا الْحُكْمِ وَأَنَّ تَعَلُّقَ الْأَمْرِ قِسْمَانِ مَعْنَوِيٌّ وَتَنْجِيرِيٌّ وَأَنَّ التَّعَلُّقَ الْمَعْنَوِيَّ غَيْرُ الْحُكْمِ التَّنْجِيزِيِّ الَّذِي هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ هُنَا بِالْحُكْمِ فَمِنْ أَيْنَ لَزِمَ مِنْ نَحْوِ هَذَا الْمَبْحَثِ تَحَقُّقُ مَفْهُومِ الْحُكْمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ حَتَّى يَتَأَتَّى هَذَا الْكَلَامُ مِنْ الشَّيْخِ اهـ.
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ تَعْلِيقَ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ لَيْسَ مِنْ التَّعَلُّقِ فِي شَيْءٍ بَلْ يَرْجِعُ لِتَخْصِيصِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ بِمَا بَعْدَ الْوُجُودِ فَلَيْسَ ثَمَّ إلَّا تَعَلُّقٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ قَصُدَ التَّعَلُّقُ عَلَى حَالَةِ الْوُجُودِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الشَّارِحِ لَيْسَ تَعَلُّقًا حَالَةَ الْعَدَمِ بَلْ هُوَ عَدَمُ التَّعَلُّقِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَصْلُحُ بَيَانًا لِلتَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ وَكَوْنِهِ عَدَمًا لِلتَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ لَا يَجْعَلُهُ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا بَلْ هُوَ عَدَمٌ لِلتَّعَلُّقِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يَصْلُحُ لِلْبَيَانِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ حَالَةَ عَدَمِهِ إلَخْ) يَنْبَغِي هُنَا إرَادَةُ عَدَمِهِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُوجَدَ هُوَ وَلَا تُوجَدَ شُرُوطُ التَّكْلِيفِ وَقَوْلُهُ مَأْمُورًا أَيْ مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ تَعَلُّقًا تَنْجِيِزيًّا.
(قَوْلُهُ: لِنَفْيِهِمْ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ) وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمُقَسَّمِ نَفْيُ الْأَقْسَامِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْأَمْرُ وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَمْرِ نَفْيُ تَعَلُّقِهِ قَالَ سم لِبَاحِثٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا النَّفْيُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ النَّفْيَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ فَهَلَّا أَثْبَتُوا تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا بِمَعْنَى إرَادَةِ الْفِعْلِ مِنْهُ إذَا وُجِدَ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ اهـ وَيُدْفَعُ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ كَلَامٌ نَفْسِيٌّ وَنَفْيُهُمْ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ يَقْتَضِي نَفْيَ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ يَقْتَضِي نَفْيَ تَعَلُّقِهِ وَأَمَّا أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَعْدُومِ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا فَشَيْءٌ آخَرُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ وَغَيْرُهُ) النَّهْيُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْجَازِمِ أَيْضًا فَيَنْحَصِرُ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ فِي الْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُ كَالْأَمْرِ أَيْ فَيَتَعَلَّقَانِ بِالْمَعْدُومِ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَقَوْلُهُ سَيَأْتِي أَيْ فَتَسْمِيَةُ الْمُصَنِّفِ لَهُ أَمْرًا بِحَسَبِ الْأَزَلِ صَحِيحٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَصَحُّ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ يَتَنَوَّعُ فِي الْأَزَلِ إلَى الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَنَوَّعُ فِي الْأَزَلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِتَعَلُّقِ النَّهْيِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي وَلَا يَرِدُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْأَمْرِ مَفْهُومٌ أَيْضًا مِمَّا سَيَأْتِي فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّ وَجْهَ ذِكْرِهِ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ وَعَلَى مُخَالَفَةِ الْمُعْتَزِلَةِ لِئَلَّا يُغْفَلَ عَنْ ذَلِكَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَضَى الْخِطَابُ الْفِعْلَ) قَالَ الْكُورَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ جَعَلَ الْمُقَسَّمَ نَفْسَ الْخِطَابِ دُونَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ الْخِطَابَ جِنْسُ الْحُكْمِ فَالْعُدُولُ عَنْ الْحُكْمِ لَا وَجْهَ لَهُ الثَّانِي أَنَّهُ جَعَلَ التَّرْكَ فِي الْحَرَامِ مُتَعَلِّقَ الِاقْتِضَاءِ وَهُوَ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ غَيْرُ مَقْدُورٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْكَفِّ الثَّالِثُ: أَنَّهُ جَعَلَ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَوَّلِيَّةِ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ سم عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ جَعَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامَ لِلْخِطَابِ مِمَّا لَا مَانِعَ عَنْهُ وَكَوْنُهُ جِنْسًا لِلْحُكْمِ غَيْرُ مَانِعٍ وَوَجْهُ الْعُدُولِ عَنْ تَقْسِيمِ الْحُكْمِ بَيَانُ صِحَّةِ جَعْلِهَا أَقْسَامًا لِلْخِطَابِ رَدًّا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَعْلِ بَعْضِهِمْ إيَّاهَا أَقْسَامًا لِلْحُكْمِ أَنَّهَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ أَقْسَامًا لِلْخِطَابِ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ وَالتَّعْبِيرُ الْوَاقِعُ هُنَا وَاقِعٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصَنِّفِ الْمُرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَسْأَلَةٌ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ فَالْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ إلَخْ فَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الْقَوْمَ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّرْكِ ثُمَّ حَقَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ الْحَقُّ عِنْدَهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّا هُنَا.
وَعَنْ