بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ يَكُونُ مَأْمُورًا بِذَلِكَ الْأَمْرِ النَّفْسِيَّ الْأَزَلِيَّ لَا تَعَلُّقًا تَنْجِيِزيًّا
ــ
[حاشية العطار]
قَبْلَ تَذْكِيرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَأْمُورًا حَالَ غَفْلَتِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَأْمُورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِالْأَمْرِ الْوَارِدِ فِي حَالِ غَفْلَتِهِ فَيَكُونُ حُكْمُ الْغَافِلِ كَحُكْمِ الْمَعْدُومِ سَوَاءٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَكُونُ مَأْمُورًا حَالَ عَدَمِهِ وَلَا حَالَةَ غَفْلَتِهِ وَيَكُونُ مَأْمُورًا بَعْدَ وُجُودِهِ أَوْ تَذَكُّرِهِ بِالْأَمْرِ الْوَارِدِ فِي حَالَةِ الْعَدَمِ وَحَالَةِ الْغَفْلَةِ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِإِفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ.
مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَعْدُومِ هُوَ الْأَمْرُ الْمَعْنَوِيُّ وَإِذَا تَعَلَّقَ بِالْمَعْدُومِ حَالَ عَدَمِهِ تَعَلَّقَ بِالْغَافِلِ حَالَ غَفْلَتِهِ بِالْأَوْلَى بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الصَّوَابِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْدُومِ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ فَيَشْمَلُ الْمَعْدُومَ حَقِيقَةً وَالْمَوْجُودَ الَّذِي لَمْ يَتَّصِفْ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ فَالْغَافِلُ قَبْلَ وُجُودِهِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ الْأَمْرُ وَلَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ وُجُودِهِ حَالَ غَفْلَتِهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ حِينَئِذٍ ثُبُوتُ التَّعَلُّقِ بِطَرِيقِ اسْتِمْرَارِ التَّعَلُّقِ حَالَ الْعَدَمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّكْلِيفِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَافِلِ الَّذِي نُفِيَ عَلَى الصَّوَابِ الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ تَعَلُّقًا تَنْجِيِزيًّا فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ لَا تُشْكَلُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَلَا تَشْتَبِهُ هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَالَهُ سم وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْدُومِ مَا يَشْمَلُ مَا وُجِدَ غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ لَا يُسَوَّغُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْدُومِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَعْدُومِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ وُجِدَ بِدُونِ شُرُوطِ التَّكْلِيفِ اهـ.
بِقَوْلِهِ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّعْمِيمِ لِأَنَّ مَنْ وُجِدَ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ التَّكْلِيفِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ الْأَمْرُ قَبْلَ وُجُودِهِ وَلَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ اجْتِمَاعِ شُرُوطِ التَّكْلِيفِ فِيهِ اهـ. لِأَنَّ هَذَا نَقْضٌ لِمَا بَنَى عَلَيْهِ جَوَابَ الْإِشْكَالِ تَأَمَّلْ وَنَعَمْ مَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا يَظْهَرُ تَعَلُّقُهَا بِهَذَا الْفَنِّ أَصْلًا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ فُرُوعِ الْمَسَائِلِ الْكَلَامِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِ التَّكْلِيفِ) وَمِنْهَا الْبَعْثَةُ لَكِنْ يَجِبُ كَوْنُ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ لَا لِلْمُلَابَسَةِ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الْبَعْثَةُ وَلَا يَصِحُّ مُلَابَسَةُ الشَّخْصِ لَهَا بِخِلَافِ الْمُصَاحَبَةِ قَالَهُ النَّاصِرُ وَكَلَامُ سم هُنَا مَعَهُ بَعِيدٌ عَنْ مَذَاقِ كَلَامِهِ.
(قَوْلُهُ: يَكُونُ مَأْمُورًا إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِ مَأْمُورًا عَلَى وَجْهِ التَّنْجِيزِ لَزِمَ تَفْسِيرُ التَّعَلُّقِ الْمَعْنَوِيِّ بِالتَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ وَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِ مَأْمُورًا إلَّا بِقَيْدٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُورًا حَالَ عَدَمِهِ وَهُوَ نَقِيضُ الْمَطْلُوبِ مِنْ إثْبَاتِ كَوْنِهِ مَأْمُورًا حَالّ الْعَدَمِ فَاللَّائِقُ بِالْإِيضَاحِ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَعْدُومَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيُوجَدُ بِشَرْطِ التَّكْلِيفِ طَلَبٌ مِنْهُ فِي الْأَزَلِ مَا يَفْهَمُهُ وَيَعْقِلُهُ إذَا وُجِدَ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ فَإِذَا وُجِدَ بِهَا تَعَلَّقَ بِهِ التَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ بِذَلِكَ الطَّلَبِ الْأَزَلِيِّ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ طَلَبٍ آخَرَ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْعَضُدِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّعَلُّقَ وَاحِدٌ فَلِذُلِّك قَالَ النَّاصِرُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَبْحَثَ بَلْ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَبَاحِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ إذَا اُعْتُبِرَ التَّعَلُّقُ الْمَعْنَوِيُّ وَحْدَهُ كَافِيًا فِي تَحَقُّقِ مَفْهُومِ الْحُكْمِ اهـ.
وَهُوَ وَجِيهٌ وَقَالَ النَّجَّارِيُّ ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ يَعْنِي لُزُومَ التَّنَاقُضِ وَغَيْرُهُ مَبْنِيٌّ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ يُسَمَّى حُكْمًا بِدُونِ التَّعْلِيقَيْنِ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ مُسَمَّى الْحُكْمِ هُوَ الْخِطَابُ النَّفْسِيُّ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ التَّعَلُّقُ بِفِعْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute