وَرَجَعَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ آخِرًا وَمِنْ تَوْجِيهِهِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ التَّحْقِيقَ مَعَ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَيَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْمَعْدُومِ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ
ــ
[حاشية العطار]
الْمُبَاشَرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ آخِرًا) أَيْ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَقَالَ وَالْقَوْلُ الْفَصْلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُنَافِي التَّكْلِيفَ ثُمَّ يَرِدُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِرُجُوعِهِ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَسَمُّحٌ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ تَوْجِيهِهِمَا إلَخْ) لِأَنَّ تَوْجِيهَ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى فَرْضِ كَلَامِهِ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ وَتَوْجِيهَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى امْتِثَالِ ذَلِكَ إلَخْ يَدُلُّ فَرْضَ كَلَامِهِ فِيمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إلَخْ) فِيهِ تَسَمُّحٌ وَالْمُرَادُ أَنَّ نِزَاعَ الْفَرِيقَيْنِ الْوَاقِعَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَتَوَارَدُوا فِيهِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ ثَابِتٌ فِيهِمَا حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ التَّحْقِيقَ مَعَ الْأَوَّلِ إلَخْ) فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْفِعْلِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ فَلَا تَكْلِيفَ قَبْلَهَا إلَّا كَانَ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ قُبَيْلَ التَّلَبُّسِ بِالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ لَا تَكْلِيفَ بِهِ وَلَا بِنِقْضَيْهِ وَبَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ لِلْإِكْرَاهِ يَمْتَنِعُ الْإِتْيَانُ بِهِ امْتِثَالًا وَبِنَقِيضِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِرُجُوعِ الْمُصَنِّفِ إلَى الثَّانِي وَأَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولِهِمْ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّحْقِيقُ هُوَ الثَّانِي وَبِالْجُمْلَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يَقَعْ لَهَا تَحْرِيرٌ عَلَى مَا يَنْبَغِي فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَا فِي مَوَادِّهِ فَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ فِيهَا فَلْيُرْجِعْ لِمُطَوَّلَاتِ كُتُبِ الْكَلَامِ وَلِأَجْلِ هَذَا الِاضْطِرَابِ أَمَرَ الشَّارِحُ أَثْنَاءَ الْبَحْثِ بِالتَّأَمُّلِ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْمَعْدُومِ) قَالَ النَّاصِرُ الْأَمْرُ هُوَ الْإِيجَابُ وَالنَّدْبُ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا وَتَنْجِيزِيًّا مَعًا فَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَمْرٌ بِالْمَعْدُومِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ ذَاتُ الْخِطَابِ.
وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْأَمْرَ هُنَا هُوَ الْأَمْرُ الْمَعْنَوِيُّ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ لَا يَتَنَوَّعُ أَيْ الْكَلَامُ فِي الْأَزَلِ إلَى أَمْرٍ وَغَيْرِهِ لَا الْأَمْرُ التَّنْجِيزِيُّ الَّذِي هُوَ قِسْمٌ مِنْ الْحُكْمِ الْمُتَعَارَفِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي تَنَوُّعُ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ أَيْضًا يَكُونُ مَعْنَوِيًّا كَمَا يَكُون تَنْجِيِزيًّا فَإِنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمِنْ شَرْحِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ انْقِسَامُ كُلٍّ مِنْ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ إلَى تَنْجِيزِيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ فَسَقَطَ الْإِشْكَالُ رَأْسًا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ قَدْ تُسْتَشْكَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ امْتِنَاعِ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُورًا فِي حَالِ الْغَفْلَةِ وَلَا يَكُونُ مَأْمُورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِالْأَمْرِ الْمَوْجُودِ فِي حَالِ غَفْلَتِهِ.
أَشْكَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْدُومِ بَلْ الْغَافِلُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْدُومُ مَأْمُورًا بَعْدَ وُجُودِهِ بِالْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى وُجُودِهِ كَانَ الْغَافِلُ مَأْمُورًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِالْأَمْرِ الْوَارِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute