للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية العطار]

يُؤَيِّدُ مَقَالَتَهُمَا حَتَّى إنِّي رَأَيْت تَقْرِيرًا مَنْسُوبًا لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا أَطَالَ فِيهِ الْقَوْلَ مُعَقِّدًا لِلْعِبَارَةِ مُرْتَكِبًا وُجُوهًا مِنْ التَّكَلُّفِ الْتَحَقَ بِهَا كَلَامُهُ بِاللُّغْزِ وَالْمُعَمَّى وَأَعْجَبُ مَا فِيهِ أَنَّهُ أَجْرَى احْتِمَالَيْ التَّقْسِيمِ وَغَيْرِهِ فِي الْوَاوِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ وَرَدَ إلَخْ.

وَأَنَّى بَعْدَ أَنْ أَوْضَحَ لَك الْمَقَامَ تَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي كَلَامِهِمْ مِنْ الْأَوْهَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَرَدَ الْخِطَابُ إلَخْ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ حُكِمَ فِيهَا بِلُزُومِ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ الْخِطَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا وَشَرْطًا إلَخْ وَضْعًا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَهَذَا الْخِطَابُ يُسَمَّى وَضْعًا عَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ الْخِطَابِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا إلَخْ فَعَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ الْوَاوِ لِلتَّقْسِيمِ يَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ وَإِنْ وَرَدَ الْخِطَابُ مُنْقَسِمًا إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ يُسَمَّى وَضْعًا وَهُوَ بَاطِلٌ فَأَمَّا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ وُرُودَ الْخِطَابِ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا إلَخْ يُسَمَّى وَضَعَا أَيْ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى أَوْ وَضْعًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّاصِرِ إذْ الْوَارِدُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ أَحَدَهَا إلَخْ وَسَمِّ أَخَذَ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَرَدَّ بِهِ عَلَى النَّاصِرِ فَرَدَّ عَلَيْهِ كَلَامَهُ بِكَلَامِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَعْلِ الْوَاوِ لِلتَّقْسِيمِ وَبَيْنَ جَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ تَسْمِيَةُ الْخِطَابِ وَضْعًا تَحَقُّقُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ تَحَقُّقَ الْخِطَابِ فِي أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي صَحِيحٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّاصِرِ جَعْلُهَا لِلتَّقْسِيمِ إلَخْ.

فَإِنْ قُلْت إذَا خَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى مُصْطَلَحِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ إنَّ الْكَلَامَ هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَفِعْلُ الشَّرْطِ قَيْدٌ لَهُ هَلْ يَسْتَقِيمُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ.

قُلْت لَا فَإِنَّ الْمَحْذُورَ بَاقٍ بِعَيْنِهِ إذْ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْخِطَابِ بِالْوَضْعِ مُقَيَّدٌ بِوُرُودِ كَوْنِهِ سَبَبًا وَشَرْطًا إلَخْ أَيْ مُنْقَسِمًا إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ فَأَمَّا إنْ جُعِلَتْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَانَ مَعْنَى تَسْمِيَتِهِ وَضْعًا مُقَيَّدٌ بِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا إلَخْ فَيَنْدَفِعُ الْمَحْذُورُ فَظَهَرَ أَنَّ اسْتِقَامَةَ الْكَلَامِ إنَّمَا تَتِمُّ عَلَى جَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ.

وَأَمَّا جَعْلُهَا تَقْسِيمِيَّةً فَلَا سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْقَضِيَّةَ شَرْطِيَّةً مُوَافِقَةً لِاصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ وَهُوَ التَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ أَوْ جَعَلْنَاهَا حَمْلِيَّةً بِاعْتِبَارِ مَا تَئُولُ إلَيْهِ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا هُوَ التَّقْرِيرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ارْتِبَاطُ الثَّانِي بِالْمُقَدَّمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمَعْطُوفَةِ لَا عَلَى الْمَجْمُوعِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْحُكْمُ مُقَيَّدًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَيْضًا لَا عَلَى الْمَجْمُوعِ فَالتَّقْرِيرَانِ سَوَاءٌ وَمَنْشَأُ هَذَا كُلِّهِ وُرُودُ حَرْفِ الشَّرْطِ فِي التَّقْسِيمِ عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَتِهِ كَمَا هُوَ صَنِيعُ الشَّارِحِ فَإِنَّ قَوْلَهُ الْوَاوُ تَقْسِيمِيَّةٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَرَدَ الْخِطَابُ إلَخْ التَّقْسِيمُ مَعَ أَنَّ مَقَامَ التَّقْسِيمِ يُنَافِي التَّعْلِيقَ لِتَبَايُنِ الْمَقَامَيْنِ فَإِنَّ فِي التَّعْلِيقِ حُكْمًا وَلَا حُكْمَ فِي التَّقْسِيمِ وَمَفَادُ التَّقْسِيمِ غَيْرُ مُفَادِ التَّعْلِيقِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَاكَ لَا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ عَرَفْت حُدُودَهَا يَقْتَضِي أَنَّ غَرَضَهُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ التَّقْسِيمُ لِأَنَّ التَّقَاسِيمَ تَتَضَمَّنُ حُدُودَ الْأَقْسَامِ.

قُلْت لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَوْ سُلِّمَ فَالتَّقْسِيمُ حَاصِلٌ فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ أَيْ عَرَفْت حُدُودَهَا مِنْ التَّقْسِيمِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ التَّعْلِيقُ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّقْسِيمُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ حَتَّى يَكُونَ حَامِلًا لِلشَّارِحِ عَلَى جَعْلِ الْوَاوِ تَقْسِيمِيَّةً. الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ عَرَفْت حُدُودَهَا نَبَّهَ بِتَكْرِيرِ مِنْ عَلَى أَنَّ حُدُودَ خِطَابِ الْوَضْعِ لَمْ تُعْرَفْ مِمَّا ذُكِرَ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي هُنَاكَ فَلَوْ كَانَ غَرَضُ الْمُصَنِّفِ مِنْ سَوْقِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّقْسِيمَ لَمْ يَسْتَقِمْ قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ حُدُودَ أَقْسَامِ الْوَضْعِ لَمْ تُعْرَفْ مِمَّا ذُكِرَ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ لِأَنَّ التَّقَاسِيمَ تَتَضَمَّنُ تَعَارِيفَ الْأَقْسَامِ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ بَلْ اعْتَرَفَ هُوَ بِمَعْرِفَتِهَا فِي أَثْنَاءِ عِبَارَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَأَعْجَبُ مِنْ جَوَابِ سم تَمَسُّكُهُ فِي تَأْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ وَلَمَّا أَوْرَدَ الْمُعْتَزِلَةُ إلَخْ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوْ التَّخْيِيرِ تَعْرِيفٌ لِلْحُكْمِ وَالتَّعْرِيفِ لَا حُكْمَ فِيهِ فَلَيْسَ قَضِيَّةً وَمَا هُنَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ أَوْ حَمْلِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِبَارَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ بِلَفْظِ أَوْ وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ.

وَالْجَوَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَحَدٍ احْتِمَالَيْ أَوْ وَدَعْوَى سم أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ أَوْ تَنْوِيعِيَّةً أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْمُنْقَسِمُ تَعَلُّقُهُ إلَخْ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا كَيْف وَقَدْ لَزِمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَضَمُّنُ التَّعْرِيفِ لِلتَّقْسِيمِ وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فِي الْوَاقِعِ فَقَدْ أَخْرَجَ مَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْإِمَامُ اعْتِرَاضًا وَجَوَابًا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>